للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسنده أو في سننه.

إذاً: صدق الله حينما قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] الدين هو ما يتدين به الإنسان ويتقرب به إلى رب الأنام، فإذاً: صدق ابن مسعود حينما قال في الأثر السابق: فقد كفيتم، أي: لماذا تتعبون أنفسكم بابتداعكم العبادات في الدين وقد كفاكم رب العالمين بأن أرسل إليكم رسولاً مُبَيِّناً مُوَضِّحاً كل ما أنتم بحاجة إليه من عبادات تفصيلياً لا حاجة للقياس فيها إطلاقاً وبخاصة إذا ما كان هذا القياس مخالفاً للنصوص الصريحة المتقدمة آنفاً والآثار الثابتة عن السلف الصالح.

ثانياً: ومنها قول ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق.

هذا قوله، ويحسن أن نقدم إليكم مثلاً يمس حياة كثير من المتعبدين اليوم بحسن نية ولكن بسوء عمل، ما هو العمل؟ هو الابتداع في الدين .. اسمعوا القصة التالية: القصة يرويها الإمام الدارمي في سننه بإسناده الصحيح أن أبا موسى الأشعري جاء صباح يوم إلى دار عبد الله بن مسعود فوجد الناس ينتظرونه قال لهم: أخرج أبو عبد الرحمن - عبد الله بن مسعود كنيته أبو عبد الرحمن - قالوا له: لا، فجلس ينتظره إلى أن خرج، فقال له: يا أبا عبد الرحمن: لقد رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته - وأرجوا الانتباه إلى هذه الكلمة والتي تليها - رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته ومع ذلك لم أر إلا خيراً .. كيف يجتمعان؟ ! رأى خيراً ومع ذلك أنكره .. حق ذلك؛ لأنه رأى عبادةً لم يرها في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، قال له: ماذا رأيت؟ قال: إن عشت فستراه .. رأيت في المسجد أناساً حلقاً حلقاً وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله: سبحوا كذا .. احمدوا كذا ..

<<  <  ج: ص:  >  >>