للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبروا كذا .. وأمام كل رجل منهم حصى يعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال ابن مسعود: أفلا أنكرت عليهم؟ ! قال: لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك .. قال: أفلا أنكرت عليهم وأمرتهم أن يعدوا سيئاتهم فلن تضيع من حسناتهم عند الله شيء .. {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: ٢٨] قال: لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك.

عاد ابن مسعود إلى داره وخرج متلثماً هكذا، وانطلق إلى المسجد حتى لا يرى ووقف عند الحلقات فرأى ما وصف له أبو موسى، فكشف عن وجهه اللثام وقال لهم: ويحكم! ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لما عرفوه قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى .. حصى، يعني: شيء بسيط، حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال: عُدُّوا سيئاتكم وأنا الضامن لكم أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحكم ما أسرع هلكتكم! هذه ثيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تبل وهذه آنيته لم تكسر، أي: إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حديث عهد بمفارقة الأصحاب .. أما آن لكم أن تحدثوا في الدين ما لم يكن معروفاً في عهده عليه الصلاة والسلام، فأجابوه، والحق أن هذا الجواب هو لسان أكثر المتعبدين ولكن على غير هدى من ربهم .. نفوسهم طيبة .. نواياهم حسنة .. ولكنهم لما خالفوا سنة الرسول عليه السلام ما أجروا إن لم يكن قد وزروا، قالوا: ماذا قالوا؟ والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.

ترى! هل تغني النية الصالحة عن العمل، أي: أن يكون عمل الإنسان غير صالح لكن نيته صالحة يكفيه؟ ! لا يكفيه .. وهنا بيت القصيد: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] كما أن النية الصالحة لا تشفع للعمل الطالح فيجعله صالحاً، كذلك إذا كان العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>