للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحاً موافقاً للسنة ولكن النية غير صالحة لا يفيده هذا العمل الصالح شيئاً إطلاقاً فلا بد من اجتماع الشرطين المذكورين.

عندما قال أولئك الناس لابن مسعود وهم صادقون فيما يقولون: والله يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لا يصيبه .. هذه حقيقة مرة! أي: من أراد الخير اتخذ سبيله، سلك السبيل الذي يوصل إلى الخير كما قال عليه الصلاة والسلام مؤكداً لكلمة ابن مسعود ..

بل والله أعلم - والآن هذه خاطرة بدرت لي لأول مرة في حياتي - والله أعلم أن ابن مسعود أخذ هذه الكلمة من حديث الذي رواه عن الرسول عليه السلام: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان بين أصحابه يوماً فخط لهم على الأرض خطاً مستقيماً، وقرأ الآية الكريمة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣] وخط خطوطاً عن يمين الخط المستقيم ويساره - وقال عليه السلام موضحاً للخط المستقيم -: هذا صراط الله، وهذه طرق على جنبي الطريق المستقيم وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه».

وهذا الحديث يجب أن نأخذ عبرة .. ما يكفي المسلم أن يعيش هكذا سبهللاً، فلتان في الحياة .. يا أيها الناس اتبعوا الناس! لا، أيها الناس اتبعوا سيد الناس، أي: عليكم أن تعرفوا سنة نبيكم - صلى الله عليه وآله وسلم - في أمور حياتكم الدينية كلها، سواء ما كان منها عقيدةً، أو ما كان منها عبادةً، أو ما كان منها سلوكاً، كل ذلك يجب أن يكون معلوماً عند كل مسلم يرجو النجاة يوم القيامة كما قلنا آنفاً.

فالظاهر أن ابن مسعود لما قال لهم: وكم من مريد للخير لا يصيبه، يشير إلى هذا الحديث أنهم ما سلكوا الطريق المستقيم، وإذاً: فهم سوف لا يصلون كما قال الشاعر القديم:

<<  <  ج: ص:  >  >>