تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، هو وكل من كان عنده ذرة من علم وفقه يعترف ويشهد بحقيقة لا مجال لإنكارها، أن العلوم على أنواعها وأشكالها سواء كانت علوماً في الشرع أو في الأدب أو في اللغة أو في التاريخ، كل هذه العلوم مرجعها إلى أهل الاختصاص، فلا يجوز مثلاً بجاهل بالطب أن يتطبب، ولا يجوز بجاهل في الفقه أن يتفقه، ولا يجوز بالتالي لجاهل بالحديث أن يتحدث تصحيحاً وتضعيفاً، هذا الذي وقع فيه الغزالي نحوه أنكره على غيره، فهو وقع فيما ينكره على العامة وهو من الخاصة، وذنب الخاصة أشد عند الله عز وجل من ذنب العامة؛ لهذا أقول: الغزالي لا شك أنه يعيش في ضلال مبين؛ لأنه كما قال تعالى في حق المشركين:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النمل: ١٤]، أي: هو جحد ما يقرره أن العلوم اختصاصات وما لهؤلاء الجهلة يتعالون ويتسلطون على الكتاب والسنة وهم لا يفقهون شيئاً، هذا الذي أنكره على العامة وقع هو في مثل ما وقع العامة الذين ينكر عليهم؛ لأنه لا يعرف، وقد يجادل بعضهم في ذلك فأُذَكِّركم بالمثل الواقع الذي لا يستطيع هو أن ينكره، أنا قبل أن أعرفه بواسطة من كان من عارفي بل ومن أصحابي، وكان الله عز وجل أنقذه من الطريقة الشاذلية ومن التعصب بالمذهب الحنفي وهو الشيخ زهري النجار، هذا الرجل أرسل إلي من مصر وكان عندنا في سوريا، كان حنفياً متعصباً وطرقياً شاذلياً، فهداه الله إلى السنة ثم سافر إلى مصر ودخل الأزهر وأخذ الشهادة، كتب إلي بأن الشيخ الغزالي عنده كتاب اسمه فقه السيرة، فهو طلب مني أن تتطوع لتخريج أحاديث
كتابي، وكنت يومئذ على شيء من الفراغ والنشاط أكثر من نشاط الشيخوخة كما ترون فوافقت، وكتب مقدمة لعلكم اطلعتم عليها، فهو لماذا كلفني أن أخرج كتابه؛ لأنه ليس من أهل الحديث.
فإذاً: لماذا هو يتسلط على علم الحديث تصحيحاً وتضعيفاً وقد أفصح عن