للبدعة مكان في هذه الحادثة التي سمعتموها منقولة عن صحيح الإمام مسلم، لا تجدون هنا شيئاً يمكن أن يذكر أو أن يوصف ببدعة إطلاقاً، إنما هو الصدقة، والصدقة كانت مشروعة قبل أن يخطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الصحابة حاثاً لهم على الصدقة؛ لأنكم سمعتم أن من خطبته عليه السلام في هذه الحادثة أن تلا عليهم الآية الكريمة:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[المنافقون: ١٠] .. إلى آخرها.
فإذاً: ليس هناك ما يمكن أن يدخل في باب البدعة الحسنة زعموا؛ لأن الصدقة مشروعة بنص القرآن الكريم والسنة وإجماع الأمة.
إذاً: حينما يفسرون قوله عليه السلام: «من سن في الإسلام سنة حسنة .. » بقولهم: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، اصطدم هذا التفسير وليس الحديث، اصطدم هذا التفسير بالواقع، لأن الواقع لا يوجد فيه ما يمكن أن يسمى بدعة إطلاقاً، أما إذا فسر بالمعنى العربي، سن بمعنى: فتح طريقاً، فهذا واضح جداً؛ لأن ذلك الرجل الأول هو الذي فتح الطريق بين يدي الصحابة الآخرين، حينما ذهب ليرجع بما تيسر له من الصدقة، فاتبعه الآخرون على ذلك، فكان هو قد سن له الصدقة، في ذلك المجلس، أما الذي حسنها والذي شرعها، وجعلها للناس ديناً ليس هو، ولا الرسول عليه السلام، وإنما هو رب العالمين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس له من التشريع شيء، إنما هو كما قال تعالى مخاطباً إياه، الآية ... (حصل هنا انقطاع صوتي)
ولذلك من الخطأ الفاحش جداً، الخطأ اللفظي ما نقرؤه في الجرائد وبعض المجلات وبعض المحاضرات، قال المشرع .. من هو المشرع؟ يعني المقنن، لا يقصدون بذلك رب العالمين، وهنا نذكر قول ربنا عز وجل:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١]، فالله عز وجل هو وحده