فما هو ضد هذا الفهم الخاطئ ألا وهو تفسيرهم لقوله عليه السلام:«من سن في الإسلام سنة حسنة» أي: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، هذا خطأ، فما الذي هو الصواب الذي نرد به هذا الخطأ، ونرد ما بني عليه من تفريعات المئات من البدع بل الألوف كما قلنا آنفاً؟
الجواب: من سن لغة أي: فتح طريقاً لا أكثر، «من سن في الإسلام سنة حسنة» أي: فتح طريقاً في الإسلام أي في الدين أي: في العبادة تؤدي إلى سنة حسنة، «من سن في الإسلام سنة حسنة» أي: فتح طريقاً إلى سنة حسنة، وهذا معناه: أن هذه السنة لم تحدث من جديد، وإنما هي مشروعة من قديم جاء بها الرسول عليه السلام الذي نزل عليه القرآن الكريم:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
يقول الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمداً صلى الله وعليه وآله وسلم خان الرسالة، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
قال مالك تعليقاً على هذه الآية وكلامه السابق: فما لم يكن يومئذ ديناً أي: يوم نزول هذه الآية اليوم فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
إذاً: قوله عليه السلام: «من سن في الإسلام سنة حسنة» لا يعني سنة استحسنها الناس على اختلاف مذاهبهم، ومشاربهم وغايتهم أهواؤهم وو .. إلى آخره، لا وإنما سنة معروفة حسنها في الإسلام، وعلى العكس من ذلك في تمام الحديث.