للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرف نصف معناها والنصف الآخر يفهم من اللغة العربية وأساليبها، اقتباساً من هذه الجملة التفسيرية أقول: إذا عرف سبب ورود الحديث عرف نصف معناه، والباقي يفهم من اللغة، ما سبب ورود هذا الحديث بأي مناسبة قال عليه السلام: «من سن في الإسلام سنة حسنة» أقال ذلك في سنة كما فسرناها معروفة في الإسلام مشهورة في القرآن، وفي أحاديث الرسول عليه السلام؟ أم قال ذلك في رأي في عمل ابتدعه إنسان من عند نفسه دون إذن من ربه أو نبيه فقال: «من سن في الإسلام سنة حسنة» ليس هذا وإنما هو الأمر الأول وهو كما جاء في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف».

روى الإمام مسلم في «صحيحه» من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تمعر وجهه» أي: تغيرت ملامح وجهه عليه السلام شفقة وحسناً على هؤلاء الأقوام الأعراب لشدة فقرهم الدال عليه حالهم ولباسهم مجتابي النمار، النمار جمع: نمرة وهو الثوب مثل البطانية من فقرهم فاتحين طرف البطانية دائرة طاقة وهم منزلينه على أكتافهم، هذه العباءة تبعهم، هذا من فقرهم، فقام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لما رآهم في هذه الحالة يخطب في الصحابة وكان مما خطبهم به قوله عليه الصلاة والسلام: «{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: ١٠] ثم قال عليه السلام: تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره».

تصدق: فعل ماض المقصود به: ليتصدق أحدكم بما تيسر له، فما كاد رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>