للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يتم خطبته حتى قام رجل من الجالسين ينطلق ليعود وهو يحمل في طرف ثوبه ما تيسر له من طعام، أو دراهم ووضعها أمام الرسول عليه الصلاة والسلام فلما رأى أصحابه الآخرون ما فعل صاحبهم هذا قام كل منهم ليعود أيضاً: بما تيسر له من طعام ودراهم ودنانير، وجمعت هذه أمام الرسول عليه السلام قال جرير: فاجتمع أمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أكوام كأمثال الجبال طبعاً: مقصود الجبال: يعني: أكوام ضخمة فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تهلل وجهه كأنه مذهبة يعني: أسارير وجهه الأولى التي دلت على حزنه وأسفه على هؤلاء تصورت تماماً حينما رأى أصحابه عليه السلام يستجيبون لخطبته ولدعوته إياهم على أن يتصدقوا على إخوانهم فصار وجهه يقول جرير وهو العربي الفصيح: كأنه مذهبة، ما هي المذهبة؟ هي الفضة المطلي بالذهب أي: يتلألأ الرسول عليه السلام تحول نوراً فرحاً وسروراً وحضوراً بتجمع هذه الصدقات من أصحابه عليه السلام.

هنا قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء» أي: إن ذاك الرجل الأول كتب الله له أجر صدقته قلت أو كثرت، ثم كتب الله له أجر المتصدقين من بعده؛ لأنه هو الذي فتح لهم هذه الطريق طريق الإتيان بالصدقة.

الآن نقول لهؤلاء الذين يفسرون الحديث بذاك التفسير الخاطئ: من ابتدع، أين البدعة في هذه الحادثة؟ لا يوجد هنا إلا الصدقة، والصدقة كانت من قبل مشروعة ولو لم تكن من قبل مشروعة فقد صارت حينئذ مشروعة حينما تلا الرسول عليه السلام الآية السابقة، أنفقوا مما رزقناكم، هذا لو فرض أن الآية نزلت آنياً، وهي كانت من قبل معروفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>