للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً: من الخطأ الفاحش أن نفسر قول الرسول عليه السلام بما يتنافى مع السياق والسباق، فالسباق أن الناس تصدقوا بعد أن حضهم الرسول عليه السلام على الصدقة، وتبعوا الرجل الأول فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حضاً لغيره على أن يكون أسوة لغيره في فتح الطريق إلى ما هو مشروع مسبوق في الشريعة كهذه الصدقة: «من سن في الإسلام سنة حسنة ... » إلى آخره.

وأنا حينما أتطرق لمثل هذا الموضوع أقول: يستحي مثلي أنا وأنا الرجل الأعجمي الألباني لو أن هناك مثل هذه المناسبة مناسبة صدقة والإتيان بأمر مشروع، فأقول: «من سن في الإسلام سنة حسنة» بمعنى: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، أُعَيَّرُ أنا مع أني أعجمي وألباني لكن عندي قليل طلب للغة العربية، أعير فيما إذا قلت بمناسبة صدقة مشروعة: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، سيقال لي: أن أين البدعة هذه التي تطبق قولك هذا على هذه؟ إذا فسر من سن في الإسلام بمعنى: من ابتدع عار على مثلنا نحن الأعاجم أن نفسر مثل هذا التفسير العجيب الغريب، فكيف يصدر مثله من العرب الأقحاح الأصيلين في العربية تعجب في ذلك كأن الأهواء تعمل عملها في الناس شر من الجهل الذي يجهل اللغة العربية.

فإذاً: من سن في الإسلام سنة حسنة يعني: سنة مشروعة كان الطريق إليها مغلقاً مهملاً لا ينتبهون الناس لهذه السنة، فقام رجل ودعا الناس إلى هذه السنة المشروعة ليس البدعة التي لم تكن معروفة من قبل، وسنها هو من عند نفسه، وهذا الحديث تماماً يشبه حديثاً آخر لا يحتمل مطلقاً مثل هذا التأويل الخاطئ وهو قوله عليه السلام: «من دعا إلى هدى» ما قال هنا سنة، ولا يمكن تفسير الهدى هنا بالبدعة إطلاقاً بوجه من الوجوه، «كان له أجره وأجر من عمل به إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>