لما سُئلت كيف كنتم تنخلون الشعير قالت: بالنفخ، وهذه طريقة بدائية موجودة في بعض القرى الفلاحين فهذه يعني بدعة لغةً: هي كلها بدعة، ولكن ليس كل ما يطلق عليه لفظة البدعة لغة تكون محرمة أو تكون ضلالة أو تكون مباحة، لا بد من استعمال الموازين الشرعية فإذا كانت البدعة عبادة في الدين فهي ضلالة، وهذا كان موضوعنا السابق وإذا كان ليس بالدين فيقاس بالأحكام الشرعية، كما ضربنا مثلاً آنفاً مباحة؟ إذاً محرمة لما فيها من مخالفات للشريعة.
فالآن هنا ما يمكن لإنسان يفقه من العربية شيئاً خاصة بعد أن عرفنا أن الرسول عليه السلام سَنَّ للناس صلاة القيام بعامة في رمضان وغير رمضان فلا يقال إن صلاة القيام في الليل بدعة ثم سن لهم بصورة خاصة التجمع لصلاة جماعة في رمضان، فلا يقال أيضاً هذه بدعة نحن ما نقول أنها بدعة، فعمر الذي عاش مع الرسول عليه السلام يتصور أن يسمي هذه العبادة بالبدعة حاشا لله، أنا أقول الكلمة لكن لست الآن في حاجة إليها خشية الاستطراد كثيراً وكثيراً.
الشاهد إذاً: إذا كان عمر يستحيل أن يسمي عبادة شرعها الله على لسان نبيه وطبقها هو بداره أن يسميها بدعة، إذاً ما معنى قوله نعمت البدعة هذه؟ هنا الجواب: علمنا أن الرسول ترك هذه الجماعة، وعلمنا أن أبا بكر الصديق في كل خلافته ما كانوا يصلون هذه الجماعة، فإذاً هذا أمر كان أمراً متروكاً فلما أحيا عمر هذه السنة صارت أمراً حادثاً بالنسبة لما قبل ذلك، فسماه بدعة، لأن البدعة باللغة هو الشيء الحادث، ولذلك فمن أسماء الله عز وجل المضافة إليه بديع السموات، أي أوجدها بعد أن لم تكن، فهكذا البدعة في اللغة هو الأمر الحادث، ولكن ليس كل أمر حادث ضروري أنه يكون بدعة ضلالة، بل وليس كل أمر حادث ضروري أن يكون بدعة محرمة، وإنما كما قلنا تطبق عليها الأحكام