للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغيرة بن شعبة كان أصحابه قد انتظروه ليؤمهم في المسجد، أي: المصلى الذي كان اتخذ للصلاة، فكأنهم استأخروه فصلى بهم إماماً عبد الرحمن بن عوف، فلما جاء الرسول عليه السلام ومعه المغيرة أشار أو أراد المغيرة أن يشير لعبد الرحمن بأن الإمام وهو الرسول قد حضر فأشار إليه أن دعهم واقتدى هو والمغيرة بعبد الرحمن بن عوف، ولما سلم قام كل منهما ليقضي ما فاته وهو ركعة، فكان المفروض أن يقتدي المغيرة بالرسول عليه السلام بهذه المناسبة لكن ما وقع ذلك، وهذا كله يدخل في أصل وهو: أنه لا يجوز تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب، لا تشرع بل تكره تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب سواء كان هذا التكرار كما ذكرت آنفاً باستئناف إمام جديد وجماعة جديدة، أو الإمام هو المسبوق كما ذكرت في السؤال والمقتدي لم يدرك شيئاً من الصلاة، كل هذه الجماعات لا تشرع وإنما الذي دخل وقد فاتته الجماعة له الخيرة، إما أن يصلي في المسجد وحده ولو دخلوا جماعة، وإما أن يعود إذا كان له عودة إلى أهله فيصلي هناك جماعة.

أما في المسجد فلا يشرع جماعة ثانية أبداً. على هذا كان السلف الصالح، ولذلك يقول الإمام الشافعي في كتابه العظيم «الأم» وإذا دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى، وإذا صلوا جماعة بإمام صحت صلاتهم لكني أكره لهم ذلك لأنه لم يكن من عمل السلف.

أما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ومؤذن راتب فيجوز الجماعة الثانية في مثل هذا المسجد تجوز، هكذا يقول الشافعي. ثم يعود للمسألة الأولى فيقول: وقد حفظنا أن جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتتهم الصلاة مع الجماعة فصلوا فرادى، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>