للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة للعموم والآية التي ذكرتها أنها ليست تعني العموم المطلق فهذا ممكن أن يقال بالنسبة لبعض النصوص العامة أنها من النص العام الذي أريد به الخصوص، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥] بالنسبة للريح بلا شك الدنيا الأرض بقيت .. باقية لكن {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥] مما هو أمام الناس مثلاً من الخيام والبيوت وإلى آخره، لكن هذا أولاً حينما يدعي مدع في نص شرعي عام إنه عام مخصص فمعلوم عند علماء الأصول جميعاً أنه لا يجوز ادعاء مثل هذه الدعوى إلا بالإتيان بالدليل المخصص، ونحن لنقل الآن مثالاً كنت أذكره بالنسبة لمثل هذه الكلمة التي ألقيتها آنفاً حول قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» فالمبتدعة يعارضون هذه الكلية النبوية بقولهم: ليس كل بدعة ضلالة، ونحن نقول، وهذا مما كنا استفدناه من بيانات ابن تيمية رحمه الله: إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يكرر هذه الكلية في مناسبات كثيرة وكثيرة جداً في خطبه وما كان كذلك فلا يصح أن يكون من العام المخصوص؛ لأن تكرار الجملة بهذا العموم مع عدم وضع بجانبها قيد ليحفظ الناس أن يقعوا في سوء الفهم لهذا النص أنه عام والشارع الحكيم يعني: أنه ليس عاماً فلا بد أن يأتي ولو ببعض الأحيان بقيد يقيد هذا النص العام، لكن الواقع أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يوجد في كل خطبه وفي كل افتتاحياته لكلماته إلا هذا النص العام: «وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» فإذاً: هذا العموم يستحيل أن يدعى فيه أنه عام مخصوص؛ لأن تكرار الرسول عليه السلام بهذه الجملة دائماً وأبداً دون أن يضع بجانبها ولو في بعض الأحيان ما يقيده هذا دليل عملي من الرسول عليه السلام أنه يريد أن يرسخ في أذهان السامعين لهذه الجملة أنها على عمومها وشمولها المطلق الذي لا قيد فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>