للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا أن نسعى، وهنا الشاهد، وعلى الله التمام، علينا أن نسعى.

لنرجع فكرياً إلى ما قبل أربعة عشر قرن، إذا تصورنا ضعف الرسول وأصحابه من الناحية العَدَدِية والعُدَدِية، واستحضرنا أيضاً قوة الدولتين العظيمتين يومئذٍ واللتين تشبهان الدولتين العظيمتين اليوم فارس والروم، هل كان يخطر في بال أحد أنه يمكن هذه القلة القليلة عَدَداً وعُدَداً أنها تنتصر على الدولتين العظيمتين؟

هذا من حيث الحسابات المادية مستحيل، لذلك المسلم لا يحصر فكره فقط في الأسباب المادية التي يجب أن يأخذ بها، لذلك أنا قلت: علينا أن نأخذ بالأسباب، أما القضاء على المشكلة ما هي باتخاذنا نحن الأسباب، هناك شيء من وراء الغيب يأتي حتماً بوعد الله الصادق حين قال: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧]، فالخطأ الذي يقع فيه كثير من الشباب المسلم أنه يفكر تفكير غربي، أي: يفكر تفكير مادي، أنه هذه الأمة المتفرقة بعضها على بعض، والمسيطر عليها كما ذكرنا آنفاً وهو معلوم لديكم، كيف يمكن هذه تعود لها مجدها؟

الجواب: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: ٧] ليس بقوتنا، وإنما بقوة الله عز وجل التي لا تقهر، ولكن هذا لا يعني أن نظل ضعفاء مادة ومعنى، لا، {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُواللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] إذاً: المسألة سهلة وصعبة، سهلة فيما إذا نحن أخذنا بالأسباب الكونية والشرعية، ولا يهولنا بعد ذلك هذا العدد الضخم المعادي لهؤلاء المسلمين ... ، لأن التاريخ يعيد نفسه، معنى هذه الجملة: سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

مما جاء في القرآن: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>