وشدة الانطلاق، وعدم التروي في كثير من الأحيان، والانسياق وراء العاطفة، وعدم الوقوف مع أحكام العقل الصحيحة، فضلاً عن أن يكون هناك وقوف أو تَمثُّل لأحكام الشرع، لذلك أقول:
أولاً: جزى الله عنا شيخنا خيراً بما أفاض علينا مما آتاه الله من علم وحكمة، وأقول ثانياً: إنا معاشر الشيوخ ولست أعني بالشيوخ الرؤساء وكبار العلماء أو العلماء، وإنما أعني بالشيوخ كبار السن، فنحن الآن على سفينة الرحلة الأبدية التي لا تعود مرة أخرى إلى الشاطئ، وأنتم الآن تقفون على الشواطئ تنظرون إلى موج البحر وهو يختبط، وإلى مياهه وهي تعلوا تارة وتنخفض أخرى، وإلى السفن التي تبحر في هذا المحيط أو في هذا البحر، تنظرون إليها وأنتم تتأملون ماذا يكون من مصير الإنسان الذي يقف على الشاطئ إن غمس رجله في الماء أو ركب هذه السفينة أو الباخرة، أو سبح في هذا الموج أو خضم هذا البحر، تنظرون وتتساءلون، فالذي أوصيكم به ثلاثاً:
أولاً: أن تُقْبِلوا على العلم، الإقبال الذي يُحَصِّنكم من الجهل الذي يشيع في دنيا الناس، والجهل هو عنوان التخلف، وكلما ابتعد الإنسان عن العلم اقترب من الشيطان وابتعد عن الرحمن، وكلما اقترب من العلم كان أقرب إلى الرحمن وأبعد عن الشيطان، هذه الأولى، أما الثانية فأن تتوادوا في الله عز وجل، ولا يحمل بعضكم أو لا يحمل بعضكم على بعض ضغناً في صدره أو حقداً في نفسه، أو ثورة من غضب ربما يقدم على أذى أخيه بها، وما أحسن أن ينام الإنسان ليله الطويلة سليم الصدر معافى من الأوبئة أو الأدواء التي تنتشر في دنيا الناس بالتنافس على الدنيا والإقبال عليها والإدبار عن الآخرة، هذه الثانية.
أما الثالثة: فأن تستحضروا دائماً أنكم في مثل هذا السن أقرب ما تكونون إلى تلقي الأمور تلقياً دقيقاً واعياً لا يفلت منكم شيء منها، فعليكم أن تستغلوا شبابكم وقدراتكم النفسية والعقلية في استيعاب الكثير من المسائل والأحوال،