والمسلمين، ثم بين المسلمين والروم، ثم بين المسلمين وفارس، وهكذا كما قلنا آنفاً: التاريخ يعيد نفسه.
فالآن المسلمون عليهم أن ينصروا الله لمعالجة هذا الواقع الأليم، وليس بأن يعالجوا جانباً لا يثمر الثمرة المرجوة فيها لو استطاعوا القيام بها.
ما هو هذا الجانب؟ محاربة الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، هذا أولا كما قلت آنفاً، ولا بد من وقفة قصيرة: غير مستطاع اليوم أن يحارب هؤلاء الحكام؛ ذلك لأن هؤلاء الحكام لو كانوا كفاراً كاليهود والنصارى، فهل المسلمون اليوم يستطيعون محاربة اليهود والنصارى؟ الجواب: لا، الأمر تماماً كما كان المسلمون في العهد المكي، كانوا مستضعفين، أذلاء محاربين، معذبين، مقتلين، لماذا؟ لأنهم كانوا ضعفاء، لا حول لهم ولا قوة إلا إيمانهم الذي حل في صدورهم بسبب اتباعهم لدعوة نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم -.
هنا الاتباع مع الصبر على الأذى هو الذي أثمر الثمرة المرجوة التي نحن ننشدها اليوم، فما هو سبيل الوصول إلى هذه الثمرة؟ نفس السبيل الذي سلكه الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام.
إذن اليوم لا يستطيع المسلمون محاربة الكفار على اختلاف ضلالاتهم، فماذا عليهم؟ عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله حقاً، ولكن المسلمين اليوم كما قال رب العالمين:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٧].
المسلمون اليوم مسلمون اسماً، وليسوا مسلمين حقاً، أظنكم تشعرون معي بالمقصود من هذا النفي، ولكني أُذَكِّركم بقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون: ١ - ٧]، أي: الباغون الظالمون، فإذا أخذنا هذه الخصال فقط،