للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت له: من كمال الإسلام أنه وضع مبادئ وقواعد ألزم المسلمين أن يتمسكوا بها في سبيل المحافظة على شخصيتهم المسلمة، فهو الشارع الحكيم كما عالج أمراض القلوب والنفوس المطوية في الأبدان كذلك عالج الظواهر التي يظهر بها المسلمون في أبدانهم وفي منطلقهم في حياتهم.

وذكرت له أحاديث مما جاء من النهي عن التشبه بغير المسلمين: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم»، فقلت له: إن الإسلام أراد بالمسلمين أن يحافظوا على شخصيتهم الظاهرة ولا يندمجوا في شخصيات شعوب أو أمم أخرى، قلت له: لأنك تعلم فيما أظن أن الضعيف يتشبه بالقوي والعكس، ليس القوي يتشبه بالضعيف، فإذا المسلم تشبه بغير المسلم فمعنى ذلك أنه وضع الصغار لنفسه والخضوع لذلك الكافر.

فلفتُّ نظره إلى حكمة تتعلق بالظواهر، في كتاب لأحد الأوروبيين قرأته قديماً من ثلاثين أو أربعين سنة، عنوانه عجيب جداً لكن استفدت منه، اسمه «فلسفة الملابس»، الحقيقة أنه استرعى انتباهي مثال ذكره، مع أنه موجود مشاهد، لكن الناس لا ينتبهوا، يقول هذا الرجل في هذا الكتاب: إن الإنسان شديد التأثر إلى درجة بلباسه، يتأثر بلباسه إذا كان لابس ثياب رثة تجده يمشي متمسكن، أما إذا لبس ثياب جديدة ومكوية إلى آخره تجده يمشي وصدره إلى الإمام لسان حاله يقول: يا أرض اشتدي ما أحد عليك قدي، هذا ثابت بالملابس، وهذه أيضاً ظاهرة تروها بين الناس جميعاً والمتأثرين المتغربين المتأوروبيين متأثرين بالثقافة الغربية تجده إذا كان لابس الجاكيت الضيق والبنطلون الأضيق الذي عض على أفخاذه وعدم المؤاخذة على مؤخرته عضاً لا يستطيع أنه يركع فضلاً عن أنه لا يستطيع أن يسجد لأنه سوف يشتط، هذا يرى نفسه لماذا؟ متمدين مثقف، لماذا عمل كذا لأن قدوته الأوروبيين عظماؤه هم

<<  <  ج: ص:  >  >>