أشرت إليهم، اعتادوا على البدع وعلى إهمال السنن، ولذلك فحينما ندعو الناس الذين ماتت السنن بين ظهرانيهم وأحييت البدع من بينهم دعوتنا تكون ثقيلة عليهم؛ لأنها حق {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل: ٥] فيكفيهم ثقلاً ثقل طبيعة الدعوة، فلا ينبغي لنا أن نقرن إلى هذه الدعوة التي هي حق والحق ثقيل على النفوس ثقلاً آخر هو غير مشروع وهو الشدة في إنكار المنكر في غير محله، إنكار المحل أقول في غير محله وإلا لا أريد أن أقول إن الشدة ليست مشروعة دائماً وأبداً .. !
لا، إنما هو كما قلنا بالحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦٩] ما هي الحكمة? يقول العلماء: أن تضع الشيء في محله، هذه هي الحكمة، فإذا كان المكان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتطلب ليناً فهي الحكمة، وإذا كان الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر يتطلب شدة فاستعمال اللين في محل الشدة هنا هي ضد الحكمة، فالذي أريد أن أقوله إنما ندعو إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة مع البيان ومع النصح للمسلمين، وننكر استعمال الشدة في غير محلها، لكن الطوائف الأخرى أو الجماعات الأخرى لا يهتمون بإعادة المسلمين إلى ما كان عليه المسلمون الأولون من حيث أنهم يفهمون الإسلام إسلاماً مصفى، هكذا ينبغي أن تكون دعوتنا إن شاء الله.
المقدم: جزاكم الله خير، شيخنا أنا أستنبط أو أكاد أن أقول لقد صرحتم بما لا يدع مجالاً للشك أن الذي يلتزم هذه القواعد المنهجية الأصلية التي أوضحتموها في هذا الحديث العظيم الطيب هو الذي نستطيع أن نقول إنه على منهج السلف الصالح كتاباً وسنة وفقهاً على وفق ما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم، ومن كان على غير هذا المنهج فهو ليس وإن ادعى فهو ليس بذاك، لذلك أريد أن أقول هنا إن منهج أو إن هذه الدعوة بهذه القواعد الأصولية وهذه المناهج أو هذه الكليات التي أحطتم بها في مثل هذا الحديث، يجب أن تكون هي المعتمدة في التصور الحقيق لمن كان على مثل هذا المنهج، ومن هنا