للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه، ووعظهم وذكرهم وكان من ذلك أن قال لهم: قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: ١٠]، ثم قال عليه السلام حديثاً من قوله: تصدق رجل بدرهمه، بديناره، بصاع بره، بصاع شعيره، فما كان من أحد الجالسين الذين تأثروا بموعظته - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا أن

انطلق مسرعاً إلى داره ليعود يحمل في طرف ثوبه ما تيسر له من الصدقة من طعام ومن دراهم أو دنانير، فوضعها أمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلما رأى بقية الصحابة ما فعل صاحبهم، قام أيضاً كل منهم ليعود حاملاً ما تيسر له من الصدقات، يقول الراوي جرير رضي الله تعالى عنه: فاجتمع أمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كأمثال الجبال من الصدقات، فتنور وجهه عليه السلام كأنه مذهبة على خلاف الوضع الأول حيث تمعر وجهه عليه السلام حزناً على فقرهم، ولكنه - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما رأى أصحابه قد استجابوا لله وللرسول حينما دعاهم لما يحييهم كان ذلك مدعاة لأن تتغير ملامح وجه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فرحاً وحبوراً وسروراً باستجابتهم لموعظته وتصدقهم على هؤلاء الفقراء من العرب، فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة، وهنا الشاهد: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجرهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيئاً»، انتهى الحديث، وهو كما قلنا في صحيح مسلم.

الشيخ: الشاهد من هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يحض في هذا الحديث على إحياء سنة أماتها الناس لسبب أو آخر من هذه الأسباب الغفلة، من هذه الأسباب الجهل، من هذه الأسباب تكالب الناس على الدنيا، فيقوم مسلم فيحيي سنة ويحيي عبادة من العبادات التي صارت مهملة متروكة، فيحييها ويستن الناس به فيها، فيكتب له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>