هذا الحديث صريح الدلالة في هذا المجال، وهناك حديث آخر أصرح دلالة ولكن واجبنا العلمي والأمانة العلمية تقتضينا أن نذكر هذا الحديث لصراحته في الدلالة أكثر من السابق مع التنبيه على ضعف إسناده، أما نصه فهو:«من أحيا سنة أميتت من بعدي فله أجرها وأجر من عمل بها .. » إلى آخر الحديث.
كالحديث السابق تماماً، لكنه صريح الدلالة كما تسمعون، ذاك يقول:«من سن سنة حسنة .. » هذا يحتاج إلى شيء من الفقه العلم، فلا جرم أن هذا الحديث الصحيح كان سبباً بسبب أن ران على قلوب كثير من العلماء فضلاً عن طلاب العلم، فضلاً عن عامة الناس أن فهموا من هذا الحديث أن هناك في الإسلام بدعة حسنة، بينما ليس من الحديث الأول الصحيح، بينما ليس في هذا الحديث الصحيح أنه يجوز للمسلم أن يحدث في دين الله بدعة لا أصل لها، لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، ولا في ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم، ليس فيه شيء من هذا ولكن بعض الناس استدلوا به على أن هناك بدعة حسنة، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:«من سن في الإسلام سنة حسنة» ففسروا من سن بمعنى من ابتدع.
إذاً: يوجد في الإسلام على زعم هؤلاء المتأولين للحديث بغير تأويله الصحيح، يوجد في الإسلام بدعة حسنة كما أنه يوجد بدعة سيئة، لذلك ينقمون علينا نحن معشر أتباع السلف إن شاء الله حينما نقول:«كل بدعة ضلالة».
ويا للعجب! لو أن قولنا هذا كان صادراً منا اجتهاداً واقتباساً واستنباطاً ربما كان لهم وجه من العذر، أما وقلنا هذا إنما هو قول نبينا صلوات الله وسلامه عليه الذي كان يكرره بمناسبات شتى مختلفة متنوعة ترسيخاً لهذه القاعدة في أذهان الأمة حتى لا تضل بعده عليه السلام وتشقى فتفسر هذا الحديث الذي وضع هذه القاعدة الكلية بخلاف دلالتها الصريحة، وقد وقع هذا المحظور مع الأسف الشديد مع حرص الرسول عليه الصلاة والسلام على تكرار هذه الجملة