المباركة، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار في مناسبات شتى أهمها أنها من خطبة الحاجة، أنها فقرة من خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعلمها أصحابه وكان يكرر عليه الصلاة والسلام هذه الخطبة بين يدي خطبة الجمعة، وأنتم تسمعون مع الأسف أقول القليل من الخطباء الذين يفتتحون خطبة الجمعة وغير خطبة الجمعة بخطبة الحاجة أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
في كل خطبة جمعة كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يكررها ويكرر فيها هذه القاعدة العظيمة الجليلة، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كذلك كان في مناسبات أخرى وأخرى كحديث العرباض بن سارية الذي يقول رضي الله عنه:«وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! أوصنا، أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن ولي عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
إلى هنا ينتهي حديث العرباض بخلاف حديث خطبة الحاجة، ففيها تلك الزيادة:«وكل ضلالة في النار».
إذاً: الأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم حقاً «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، قال راداً على الذين يقسمون البدعة إلى خمسة أقسام، قال: هذا لا يمكن؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لو كان يريد من هذه الجملة:«كل بدعة ضلالة» تخصيصها لكان خصصها يوماً ما، إذ يكرر هذه الجملة على مسامع الناس، ثم هو يطلقها هكذا دائماً وأبداً ولا يأتي ولو بإشارة ولو بتلميح أن هذا من العام المخصوص كما يقول الفقهاء في بعض