إذاً: خطأ فاحش جداً أن نفسر «من سن» هنا، بمعنى: من ابتدع؛ لأن هذا التفسير لا يطابق الواقع، ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي هو بحق أفصح من نطق بالضاد وأيضاً أهتبلها فرصة، فأذكر بأن هذه الجملة أنا أفصح من نطق بالضاد، حديث باطل رواية، ولكن صحيح دراية؛ لأنه هو العربي الصميم الذي أنزل الله على قلبه القرآن بلسان عربي مبين، فهو حقاً أفصح من نطق بالضاد، ولكن ما صح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تكلم بهذا الحديث:«أنا أفصح من نطق بالضاد»، لكنه حقاً هو أفصح من نطق بالضاد.
كيف يليق بأفصح الناس أن يقول لا مناسبة هناك، لم تقع في المجلس بدعة، فيقول: من ابتدع في الإسلام بدعة .. هذا كلام ... تفسير مرفوض تماماً.
ثم نقول شيئاً آخر من باب تنبيه إخواننا طلاب العلم والسامعين جميعاً أننا إذا قلنا جدلاً أن معنى الحديث كما زعموا وهو باطل يقيناً، لكن سنزداد بياناً لبطلانه بهذا التأويل، فنقول: إذا كان معنا حديث: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، ومن ابتدع في الإسلام بدعة سيئة، ما هو الميزان وما هو الضابط وما هي القاعدة لمعرفة البدعة الحسنة من البدعة السيئة؟ أهو العقل أم النقل؟
فإن كان قولهم وكان جوابهم إنما هو العقل خرجوا من كونهم كما يقولون من أهل السنة والجماعة، وألحقوا أنفسهم بأهل الاعتزال والضلال الذين يقولون بما يعرف عند العلماء بالتحسين والتقبيح العقليين.
المعتزلة من ضلالاتهم التي خالفوا فيها جماهير علماء المسلمين أنهم يقولون بما سمعتم، بالتحسين والتقبيح العقليين.
معنى هذا يزعمون فيقولون: ما حسنه العقل فهو الحسن عند الله، وما استقبحه العقل فهو القبيح عند الله، سبحانه وتعالى عما يشركون {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١]، ما يحكم عقله بأنه حسن فينبغي أن يكون حسناً، وما يحكم عقلهم بأنه قبيح فينبغي أن يكون قبيحاً، لذلك