اتفقت المذاهب كلها ليس فقط مذهب أهل السنة على بطلان ما عليه المعتزلة من قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين، لكن الواقع مع الأسف أن كثيراً من المنتمين إلى أهل السنة والجماعة لسان حالهم يعبر عن أنهم في بواطنهم مع المعتزلة، أي: أنهم يحسنون ويقبحون بعقولهم وهذا واضح جداً حينما تناقش أحد الأساتذة أو أحد الدكاترة أو أحد المشايخ المتعصبين المتمذهبين، تقول لهم: الشيء الفلاني بدعة؟ يقول لك: يا أخي ماذا بها؟ فيها ذكر الله، فيها الصلاة على رسول الله، أنتم تنهون عن ذكر الله وعن الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
حكم عقله، ما سلم عقله لله ورسوله كما قال عز وجل:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، فهم ردوه إلى عقولهم.
هذا اعتزال ضمني هم يتبرؤون من الاعتزال ويضللون المعتزلة، وقد يشتط بعضهم فيكفرونهم، مع ذلك فهم يلتقون معهم في كثير من الأحكام الفرعية حينما يحكمون عقولهم، فالآن نحن في هذا الحديث وهو:«من سن في الإسلام» إذا سلمنا جدلاً أن معنى: «من سن» أي: من ابتدع.
حسناً: هل البدعة على هوانا أم على شرعنا؟ من الذي يحسن، من الذي يقبح؟ هو الشرع.
حينئذ سنقول: يا أخي إذا ادعيت أن هذا الحادث سنة حسنة فالحسنة إنما تعرف بالنص الشرعي، فنقول:{هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: ١١١].
ولن يجدوا مطلقاً دليلاً على استحسان بدعة ليس لها أصل في السنة.
بعد هذا التعليق لبيان أن هذا الحديث لا يمكن الاستدلال به على ما يناقض القاعدة السابقة:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار»، إنما المقصود بالحديث كما ذكرت آنفاً هو حض المسلمين على إحياء عبادات وسنن سواء كانت مستحبة أو كانت مؤكدة فضلاً عما إذا كانت من الفرائض، ففي هذا الحديث حض بالغ على