لبعض شيوخ الوقت يستغلونها لصالح بدعتهم، فرد الشاطبي عليهم، وبين أنها حجة عليهم.
وبسط الكلام في ذلك جداً في نحو ثلاثين صفحة (٣٥٨ - ٣٨٨)، فمن شاء التوسع رجع إليه.
وكان قبل ذلك ذكر أصولاً ومآخذ يعتمد عليها أهل البدع والأهواء، وبين بطلانها ومخالفتها للشرع بياناً شافياً، فرأيت أن أقدم إلى القراء خلاصة عنها لأهميتها، ولأن علماء الأصول لم يبسطوا القول في بيانها، كما قال هو نفسه رحمه الله (١/ ٢٩٧)، فاطلبها من الحاشية.
ومنهم العلامة المحقق الأديب الأريب ابن قيم الجوزية، وقد بلغ الغاية في الاحتجاج لتحريم الغناء والملاهي، والغناء الصوفي في كتابه الكبير «الكلام في مسألة السماع»، وقد توسع جداً في الاستدلال على ذلك بالكتاب والسنة والآثار السلفية وبيان مذاهب العلماء والمراجحة بينها، والرد على المستحلين لما حرم الله، ومن طرائفه أنه عقد مجلس مناظرة بين صاحب غناء وصاحب قرآن في فصول رائعة ممتعة، الحجة فيها ساطعة على المستحلين والمبتدعة، جزاه الله خيراً، وقد قال في رده المجمل على الغناء الصوفي ما مختصره (ص ١٠٦ - ١٠٨):
«إن هذا السماع على هذا الوجه حرام قبيح لا يبيحه أحد من المسلمين، ولا يستحسنه إلا من خلع جلباب الحياء والدين عن وجهه، وجاهر الله ورسوله ودينه وعباده بالقبيح، وسماع مشتمل على مثل هذه الأمور قبحه مستقر في فطر الناس، حتى إن الكفار ليعيرون به المسلمين ودينهم.
نعم؛ خواص المسلمين ودين الإسلام براء من هذا السماع الذي كم حصل به من مفسدة في العقل والدين، والحريم والصبيان، فكم أفسد من دين، وأمات من سنة، وأحيا من فجور وبدعة .. !