للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسي بيده ما تركت شيئاً يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به، وما تركت شيئاً يقربكم من النار، ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه».

وبعد؛ فهذا ما تيسر لي ذكره من أقوال العلماء المشهورين في إنكار الغناء الصوفي وبيان أنه بدعة ضلالة، بعد أن أثبتنا حرمة الغناء بالكتاب والسنة، وتقدمت أقوال أخرى لآخرين في بعض الفصول المتقدمة، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية.

ولابد لي بهذه المناسبة أن أَقصَّ على القراء ما وقع لي مع بعض الطلبة المقلدين من المناقشة حول هذا الغناء اللعين، وذلك منذ نحو نصف قرن من الزمان، وأنا في دكاني في دمشق أصلح الساعات، جاءني زبون من الطلبة، وعليه العمامة الأغبانية المزركشة المعروفة في سوريا، فلفت نظري ظرف كبير يتأبطه، ظننت أن فيه بعض إسطوانات صندوق سمع (فوتوغراف) المعروفة في ذلك الزمان، فلما سألته أجاب بما ظننت، فقلت له مستنكراً: أأنت مغني؟ قال: لا، ولكني أسمع الغناء، قلت: أما تعلم أنه حرام باتفاق الأئمة الأربعة؟ قال: لكني أفعل بنية حسنة! قلت: كيف ذلك؟ ! قال: إني أجلس أسبح الله وأذكره والسبحة بيدي، وأستمع لغناء أم كلثوم فأتذكر بصوتها العذب صوت الحور العين في الجنة! فأنكرت ذلك عليه أشد الإنكار، ولا أذكر الآن ما قلت له بعدها، ولكنه لما رجع بعد نحو أسبوع ليأخذ ساعته بعد تصليحها، جاء معه طالب أقوى منه معروف من جمعية رابطة العلماء، فتكلم في الموضوع مؤيداً لصاحبه! معتذراً عنه بحسن نيته، فأجبته بأن حسن النية لا يجعل المحرم حلالاً، فضلاً عن أن يجعله قربة إلى الله، أرأيت لو أن مسلماً استحل شرب الخمر بدعوى تذكر خمر الجنة؟ ! وهكذا يقال في الزنا أيضاً! فاتق الله، ولا تفتح على الناس باب استحلال حرمات الله، بل والتقرب إلى الله بأدنى الحيل، فانقطع الرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>