للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد هنا: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أقر الناس الذين لعنوا هذا الظالم، وما أنكر ذلك عليهم حينما وصله خبرهم، من هذا الظالم، حين قال: لعنني الناس، ومن أجل ذلك يقول علماء الأصول، أن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، تنقسم إلى ثلاثة أقسام، سنة قولية من كلامه، وسنة فعلية يفعلها الرسول عليه السلام بين أصحابه، أو تقريره، يرى شيئاً فلا ينكره، فيصبح هذا الشيء جائزاً في أقل أحواله، ومن هنا حينما رأينا في هذا الحديث الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ينكر على أولئك الناس الذين لعنوا الظالم، بل أقرهم على ذلك، صار الحديث دليلاً على جواز لعن الشخص بعينه، بسبب جرم يرتكبه بحق أخيه المسلم، وقد يكون الجرم أعظم إذا كان فيه دعاية لجرمه الذي هو واقع فيه، وعلى ذلك جاء الحديث الصحيح، من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «صنفان من الناس لم أرهما بعد، رجال بأيدهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة»، زاد في حديث آخر: «العنوهن، فإنهن ملعونات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا»، وفي بعض الأحاديث الأخرى الصحيحة: «إن ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام»، مع ذلك هذا الجنس من النساء المتبرجات الكاسيات العاريات، يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام».

لهذا يجوز لعن الكافر، بل والفاسق من باب تأديبه، سواء كان ذلك في وجهه أو في غيبته، من أجل هذا جمع بعض العلماء ستة خصال يجوز للمسلم أن يستغيب بها من تمثلت فيه هذه الخصال، فقال الشاعر الفقيه:

القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر

ومجاهرٍ فسقاً ومستفتٍ ... ومن طلب الإعانة في إزالة منكر

تعلمون جميعاً أن الغيبة محرمة أشد التحريم بالكتاب والسنة، وأن تعريفها

<<  <  ج: ص:  >  >>