وهذا لا أحد يفرضه عليهم، ذلك لأنهم تكالبوا على الدنيا، وهذا ما أشار إليه الرسول عليه السلام في تمام الحديث حين قال:«إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر» كناية عن ركض المزارعين وراء زرعهم، ووراء أبقارهم وحيواناتهم التي يستعملونها في تحصيل المال، ولا يكفيهم تحصيل هذا المال بالطريق الحلال، بل ينكبون وراء تحصيل المال حتى يضيعون واجباتهم، كثير من التجار ومن المزارعين ينصرفون عن الصلاة وعن القيام حتى بالواجبات العائلية وراء الدنيا على هذا الكسب الذي ذكره الرسول عليه السلام في هذا الحديث حيث قال:«وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع» هذا التكالب في الدنيا هو الداء العضال إذا سيطر على الأمة ماتت فيها غريزة الجهاد الشرعية، التي بسبب تكالب الإنسان على المادة لا يبالي بالآخرة، ولذلك جعل الرسول عليه السلام هذه الأسباب سبباً شرعياً لاستحقاق المسلمين أن يقع الذل عليهم.
ثم وصف لهم العلاج في قوله عليه السلام: لا يرفع الله هذا الذل حتى ترجعوا إلى دينكم، والرجوع إلى الدين -وأوجز الآن الكلام لأن عندنا أسئلة فيما يبدوا كثيرة- الرجوع إلى الدين معناه الرجوع إلى فهمه أولاً فهماً صحيحاً على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح كما ندعو الناس دائماً إلى ذلك، وثانياً العمل بهذا الدين الذي فهمناه فهماً صحيحاً، وأرجو الله عز وجل أن يكون هناك نور بصيص من نور نراه بين المسلمين اليوم، حيث استأنفوا فهمهم لدينهم على ضوء الكتاب والسنة في كثير من البلاد الإسلامية، ثم ظهر ذلك أو أثر ذلك على كثير من الشباب المسلم في تعاملهم