للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرة التي رفعت هي التي عناها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث الأخير: «لا هجرة بعد الفتح وإنما هو جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا»، لا هجرة إلى المدينة هذا معنى الحديث، لا هجرة إلى المدينة بعد الفتح، كانت الهجرة من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة واجبة على المسلمين المقيمين هناك تحت ضغط الكفار، ومع أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال هذا الحديث: «لا هجرة بعد الفتح» أؤكد لا هجرة إلى المدينة بعد الفتح مع أنه قال هذا فقد أبقى حكماً كان مرتبطاً مع الهجرة إلى المدينة أبقى هذا الحكم إلى آخر وفاته عليه الصلاة والسلام وهو أنه لا يجوز للمهاجر من مكة إلى المدينة إذا حج أو اعتمر أن يتخلف هناك في مكة أكثر من ثلاثة أيام محافظة على جهاده في هجرته من مكة إلى المدينة، فلا ينبغي أن يحن إلى وطنه الأصيل وإنما يقضي حجه ويقضي عمرته ويبقى في مكة ثلاثة أيام ثم يعود أدرجه إلى المدينة، هذا الهجرة هي التي رفعت.

أما الهجرة الثانية فهي مستمرة إلى يوم القيامة كما جاء في بعض الآثار وهي من العقيدة المتوارثة خلفاً عن سلف أن الهجرة ماضية كالجهاد إلى يوم القيامة، فالهجرة لا تنقطع من بلد يعذب فيه المؤمنون ويضغط عليهم ويمنعون من إعلان شعائر دينهم لا يجوز لهم البقاء في ذلك المكان بل عليهم الهجرة وبخاصة المسلمين الذين هداهم الله عز وجل وهم في بلاد الكفر كالألمان مثلاً والبلجيك والهولنديين وأمثالهم، هؤلاء إذا هدى الله بعضهم فلا يجوز لهم البقاء في بلاد الكفر وإنما عليهم الهجرة إلى بلاد الإسلام لماذا؟ ليتعلموا دينهم؛ لأنهم إذا بقوا هناك فسوف يظلون لا يفهمون من الإسلام إلا شيئاً قليلاً جداً جداً، وإذا كان هذا حكم الكفار الذين أسلموا في بلادهم بلاد الكفر عليهم أن يهاجروا فمن باب أولى أنه يجب على المسلمين الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>