وتجري على ساحتنا وفي أرضنا وتكاد شرورها أو شررها تتخطفنا من قريب أو من بعيد، لنجا منا الكثير الكثير، ولكن النجاة التي نريدها ما يكاد قد أصاب منها حظاً يسيراً أو وافراً إلا عدد قليل حتى من الذين يلزمون أنفسهم أو يقولون عن أنفسهم بأنهم أهل منهج الكتاب والسنة.
ولا يخفى على ذي بصيرة عاقل أنه لا يتأهل لبيان مداخل هذه الفتن ومخارجها وبيان مواطن الشدة والضعف فيها إلا قليل من الناس، ليس كل أحد أو ليس كل واحد يمكنه أن يقول في هذه الفتنة قولاً فصلاً إلا إن هو قد أحاط بشيء كثير جداً من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام، يتبين به كيف يمكنه أن يعرف مداخلها ومخارجها ليجتنب أن يصل إلى وسط الطريق فيها فلا يستطيع أن يرجع إلى مدخل من مداخلها أو أن يصل إلى مخرج من مخارجها، ومن هنا أصبحنا نرى ونسمع كثيراً من الناس يتكلمون كلاماً لا أصل له في دين الله، وينقلون من الكتب ما هب ودب، ويتحدثون عن أباطيل الكلام كما يتحدثون عن الحقائق الإسلامية، ويسوون بين هذه وتلك، فهذه والله العظيم طامة من الطامات التي ينبغي أن نحذرها وأن نحذر الناس منها، كثر العلماء وكثر الدعاة، وكثر المحرضون وكثر المشجعون وأصبحت ترى في كل ناد وواد جمهرة من الناس يقول فيهم واحد منهم: افعلوا فيفعلون، اتركوا فيتركون، حتى إذا جاء العاقل من أهل البصر وحبك الأمر ومعرفة مسائل العلم وتوخي الحق من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يجد لنفسه شيئاً كالصمت أن يلوذ به أو أن يتمسك بأهدابه.