للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهم: «أنا إذا قرأت كتاب الفتوحات المكية مثلًا لابن عربي، وأشكلت عليّ عبارة - هكذا يقول - أضعها على الرف مؤقتًا، وكلما مررت بمثلها من عبارات مشكلة، أيضًا وضعته على الرف، حتى يتوفر لدي عبارات كثيرة من عبارات ابن عربي» يقو ل: «بعد ذلك أخلو في خلوة»، تعرفون خلوات الصوفية أن يجلس في غرفة لانور فيها، ويزيد نفسه ظلمة على ظلمة، فينصب ساقيه، ويضع رأسه بين ركبتيه، ويغمض عينيه، ظلمات بعضها فوق بعض.

هكذا نصّ من لا يعتبر من غلاة الصوفية، بل هو من كبار علماء الشافعية وهو الإمام الغزالي في أول كتابه إحياء علوم الدين، يضع أدب المريد، إذا أراد أن يتلقى الإلهام من رب العالمين، هكذا يجلس، في غرفة مظلمة، وينصب ساقيه، ويضع رأسه بين ركبتيه ويغمض عينيه، ليتلقى ماينزل عليه من الإلهام، لايقولون من الوحي لأنه صدم للشرع صريح، يسمون الوحي بالإلهام، من باب المراوغة، فهذا الصوفي، وقد مات في دمشق من قريب ليس ببعيد، قال لي: «فإذا تجمعت عندي بعض المشكلات عملت خلوة، وانفردت عن الناس، وأذكر الله وأعبد الله» فيقول: «الله يفتح عليه ويفهم تلك العبارات على الوجه الصحيح»، فقلنا له: هب أن هذه العبارات يمكن أن يستخرج منها بعض المعاني الصحيحة، ولكن أين أنتم مما أدبنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بمثل قوله كما ذكرت لكم في بعض الجلسات السابقة: «لاتتكلمن بكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>