نخالف كل الجماعات الإسلامية في هذه النقطة، ونرى أنه لا بد من البدء بالتصفية والتربية معاً، أما أن نبدأ بالأمور السياسية، والذين يشتغلون بالسياسة قد تكون عقائدهم خراباً يباباً، وقد يكون سلوكهم من الناحية الإسلامية بعيداً عن الشريعة. والذين يشتغلون بتكتيل الناس وتجميعهم على كلمة «إسلام» عامة ليس لهم مفاهيم واضحة في أذهان هؤلاء المتكتلين حول أولئك الدعاة، ومن ثم ليس لهذا الإسلام أي أثر في منطلقهم في حياتهم ولهذا تجد كثيراً من هؤلاء وهؤلاء لا يحققون الإسلام في ذوات أنفسهم فيما يمكنهم أن يطبقوه بكل سهولة، بحيث لا أحد مهما كان متكبراً جباراً يدخل بينه وبين نفسه.
وفي الوقت نفسه يرفع هؤلاء أصواتهم بأنه لا حكم إلا لله، ولابد أن يكون الحكم بما أنزل الله. وهذه كلمة حق، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا كان أكثر المسلمين اليوم لا يقيمون حكم الله في أنفسهم ويطالبون غيرهم بأن يقيموا حكم الله في دولتهم فإنهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك ففاقد الشيء لا يعطيه، لأن هؤلاء الحكام هم من هذه الأمة، وعلى الحكام والمحكومين أن يعرفوا سبب هذا الضعف الذي يعيشونه، يجب أن يعرفوا لماذا لا يحكم حكام المسلمين اليوم بالإسلام إلا في بعض النواحي، ولماذا لا يطبق هؤلاء الدعاة الإسلام على أنفسهم، قبل أن يطالبوا غيرهم بتطبيقه في دولهم؟ ! .
الجواب: واحد، وهو إما أنهم لا يعرفون الإسلام، ولا يفهمونه، إلا إجمالاً، وإما أنهم لم يربوا على هذا الإسلام في منطلقهم، وفي حياتهم، وفي أخلاقهم، وفي تعاملهم مع بعضهم ومع غيرهم ... والغالب، كما نعلمه بالتجربة، أنهم يعيشون في العلة الأولى الكبرى وهي بُعدهم عن فهم الإسلام فهماً صحيحاً، كيف لا وفي الدعاة اليوم من يعتبر السلفيين بأنهم يضيعون عمرهم في التوحيد،