الحديث بيان مرض من الأمراض التي تؤدي بالمسلمين إلى هذا الوضع المشين ألا وهو «حب الدنيا وكراهة الموت» وهذا له علقة بما قلت آنفاً من أنه لابد من «التصفية والتربية».
والشطر الثاني من هذه الكلمة يعني أنه لا بد من تربية المسلمين اليوم تربية على أساس ألا يُفْتَنوا كما فُتِن الذين من قبلهم بالدنيا، ويقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تفتح عليكم زهرة الحياة الدنيا فتهلككم كما أهلكت الذين من قبلكم» ولهذا نرى أنه قل من يتنبه لهذا المرض فيربي الشباب، لا سيما الشباب الذين فتح الله عليهم كنوز الأرض وأغرقهم في خيراته تبارك وتعالى وفي بركات الأرض، قلما ينبه إلى هذا، مرض يجب على المسلمين أن يتحصنوا منه، وأن لا يصل إلى قلوبهم «حب الدنيا وكراهة الموت»، إذاً فهذا مرض لابد من معالجته وتربية الناس على أن يتخلصوا منه.
نعود إلى الشق الأول، وهو الأهم بلا شك، وهو قولنا إنه لابد أن يكون البدء بالتصفية مقرونة بالتربية. وثمة حديث للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يشير فيه إلى هذه التصفية، ألا وهو قوله عليه الصلام والسلام:
«إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم».
في هذا الحديث وصف الداء والدواء، إنه يقول في أول الحديث «إذا تبايعتم بالعينة» والعينة بيع من البيوع الربوية، وهي، مع الأسف، قائمة اليوم في بعض البلاد الإسلامية بل العربية، وهي البلدان التي يفترض فيها أن تفهم كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خيراً مما يفهمه الأعاجم المسلمون، «العينة» أن يشتري الشاري حاجة من التاجر بثمن أكثر من ثمن النقد، يشتري به إلى أجل أو ما