للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان لا يقبل زيادة ولا نقصاناً. وهم يقولون: إذا قلنا بأن الإيمان يزيد فهو ينقص، وإذا نقص الإيمان فذلك مما يخرج صاحبه عن الإيمان ... وهذا الكلام ينسجم تماماً مع ما يعتقدونه من أن الإيمان اعتقاد فقط.

أما اعتقاد أهل السنة من الأشاعرة وأهل الحديث في أن الإيمان يزيد وينقص بحسب العمل الصالح وزيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية فهذا من الخلاف الذي حدث قديماً واستمر إلى اليوم، ثم نشأ من وراء ذلك خلاف عقائدي آخر، ارتبط به كلام عملي ألا وهو: هل يقول المسلم أنا مؤمن إن شاء الله أو يخضع بقوله أنا مؤمن ولا يستثني؟ من قال إن الإيمان يزيد وينقص يقول أنا مؤمن إن شاء الله لأنه يخشى على نفسه أن يكون مقصراً في أعماله الصالحة. ومن قال إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص قطع بقوله: أنا مؤمن، ولا يقول إن شاء الله، إذ أنه إذا قال: إن شاء الله فمعنى ذلك عنده أنه شك في اعتقاده الذي يستقر في قلبه.

وبناءً على ذلك الخلاف نشأ خلاف آخر وهو هل يجوز الاستثناء أو لا يجوز؟ ولم يقف الخلاف في هذه المسألة الفقهية عند جواز القول باستثناء أو عدمه، بل تعداه إلى مسألة خطيرة مَزَّقت المسلمين شر ممزق، حتى أدى الأمر إلى أن يشبه المسلم بالكافر. فقد جاء في بعض كتب الحنفية سؤال: هل يجوز للمرأة الحنفية أن تتزوج من الرجل الشافعي؟ وكان الجواب بالرفض لأن الحنفية يشكون في إيمان الشافعيين. وقد عمل المسلمون بهذه الفتوى في بلاد ما وراء النهرين سنين طوالاً لا يبيح أهلها لبناتهم أن يتزوجوا من الرجل الشافعي.

وظل الأمر كذلك إلى أن جاء رجل من كبار علماء الحنفية، يعرف بمفتي الثقلين، وهو صاحب التفسير المعروف باسمه وهو تفسير أبو السعود، الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>