للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أقول كلمة صريحة فعلاً: إن دعوتنا وهي دعوة الإسلام من حق هي تفرق؛ لأن القرآن يفرق، ذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل، دعوتنا تفرق بين الحق والباطل، بالتالي دعوتنا والتي هي دعوة الحق تفرق بين المحق وبين المبطل، وهكذا فعل الرسول عليه السلام حينما جاء بدعوته كما يخبرنا التاريخ بأن الأب حارب ابنه والابن حارب أباه، كل ذلك في سبيل التمسك بالإسلام الحق، فإذاً لا غرابة بأن تكون دعوة الحق في زماننا هذا كما كانت في الزمن الأول وفي الأزمان كلها مفرقة بين الحق والباطل وبين المحق والمبطل، يتغافل هؤلاء الناس عن نصوص الكتاب والسنة التي تقول {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٧] {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} [يوسف: ٣٨] وتأتي السنة كما هي عادتها دائما وأبدا فتفصل للمسلمين ما أُجمل أو اختصر في القرآن الكريم، فما من أحد من هؤلاء وبخاصة من كان منهم ينتمي إلى أهل السنة إلا وهو يشاركنا في الإيمان ببعض الأحاديث الصحيحة، وفي علمه بها، ولكنهم يتجاهلونها ولا يتجاوبون معها، من ذلك مثلاً حديث الفرق: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحده» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال في الرواية المشهورة: «هي الجماعة»، وفي الرواية المفسرة لها قال: «هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي»، إذا المسلمون في هذا الخبر الصحيح سيتفرقون، والواقع يؤكد هذا الخبر، وليس بحاجة أن الخبر الصحيح يُؤكَّد بالواقع، لأنه قد يقع فيما يأتي من المستقبل لكنه وقع بعد وفاة الرسول عليه السلام بقليل من السنين حيث بدأ التفرق وبدأ التحزب إلى آخره.

فإذاً: لما يتجاهل هؤلاء الناس هذا الخبر الصحيح أن المسلمين سيتفرقون، وأن على المسلم الذي يريد أن يكون من الفرقة الناجية أن يعمل بما كان عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>