للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً: لا ينبغي أن يتصور المسلم سكوته عليه السلام عن شيء إلا وربنا عز وجل مطلع عليه، وبالتالي إقرار الله لنبيه على هذا هو تشريع.

من هنا نتوصل إلى الإشارة إلى بعض المسائل التي جرى الخلاف فيها قديماً في بعض الأحكام الفقهية بين الحنفية والشافعية، حيث إن أحد الفريقين يحتج بما وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيرد الآخر بأن هذا الذي وقع ليس فيه بيان أن النبي عليه الصلاة السلام اطلع عليه حتى يقول أنه اطلع فأقره.

بما سبق من الكلام يرد على هذا الرد من بعض المذهبيين، أضرب لكم مثلاً أو أكثر.

جاء في صحيح البخاري أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه كان يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مسجده ثم ينطلق إلى قبيلته فيصلي بهم الصلاة نفسها، يقول راوي الحديث وهو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، هي له نافلة وهي لهم فريضة.

فاستدل بعض الأئمة المتقدمين بهذا الحديث على جواز صلاة المفترض وراء المتنفل، فرد ذلك بعض المذهبيين بأن هذا لا حجة فيه؛ لأنه ليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلم أن معاذاً بعد أن يصلي خلفه يعود إلى قبيلته فيصلي بهم نفس الصلاة هي له نافلة وهي لهم فريضة.

أظنكم الآن تعرفون الجواب؟ لأننا نقول إن كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يعلم حقيقة أن معاذاً كان يعيد هذه الصلاة تنفلاً فربنا عز وجل كما قلنا آنفاً يعلم السر وأخفى، فلو كان فعل معاذ غير مشروع لجاء الحكم من السماء في بيان عدم شرعيته.

ومثال آخر ونقتصر به وأُعَدِّد الأمثلة لأهمية هذه الملاحظة والتي قلما نجدها

<<  <  ج: ص:  >  >>