للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه العصر الأول وأوقعناه في مخالفته للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الأول: «من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار».

إذاً: اعتيادنا لهذه العادة يفتح باباً لإيقاع المحبين لهذه العادة أن يتبوؤوا مقعدهم من النار؛ لأنهم سوف ينكرون على الذي لم يقم أشد الإنكار، وهذا لا بد أنكم لاحظتم حوادث ووقائع كثيرة، وأنا كما يقال إن أنسى فلن أنسى، عندما كنت تلميذاً في المدرسة الابتدائية كان معلم الصف وهو كان مختصاً في تدريس اللغة العربية والتاريخ الإسلامي، كان إذا دخل الصف وربما تكون هذه العادة حتى الآن في بعض المدارس، يكون هناك عريف صف يقوم أمام الباب قبل أن يدخل الأستاذ، فلما يراه قادماً يقول للطلاب تهيؤوا، وهذا إشعار بأن المعلم أو الأستاذ سيدخل، فإذا دخل قاموا له قياماً، يكون أحياناً نزاع بين أحد الطلبة والأستاذ، إما بحق أو بباطل، فأحد التلامذة الذي بينه وبين الأستاذ عداء شخصي لا يقوم له، لكن هو يعلم أنه إذا لم يقم له أهانه بل وربما ضربه، فيتخبأ وراء الطاولة؛ لكي لا يراه، والأستاذ لا يخفى عليه فهو يتطاول هكذا، ينظر هكذا فيكشفه ويقول له اخرج، والله لا أزال كأنه الآن يضربه بيده برجله؛ لأنه لم يقم للمعلم وشوقي ماذا يقول:

قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا

الشاهد أن اتخاذ هذه الوسيلة للإكرام كما يزعمون لها آثار سيئة جداً في المجتمع وهذه بعض تلك الآثار أنها تطبع كثيراً من المسلمين على حب القيام، فإذا ما وقعوا في هذه المحبة هددهم الرسول عليه السلام بقوله: «فليتبوأ مقعده من النار».

من هنا يبدو لي فقه دقيق الدقيق لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>