السهيلي ذهب إلى ما ذهب إليه الأخفش من أن (ما) المصدرية اسم لا حرف، ثم ذكر شرطا في صلة (ما) عجبيا عبر عنه بقوله في النتائج ص ١٤٠ - ١٤١: «والأصل في هذا الفصل أن (ما) لما كانت اسما مبهما لم يصح وقوعها إلا على جنس تختلف أنواعه، فإن كان المصدر مختلف الأنواع جاز أن تقع عليه، ويعبر بها عنه؛ كقولك: يعجبني ما صنعت/ وما عملت، وما فعلت، وكذلك تقول: ما حكمت، لأن الحكم مختلف أنواعه، وكذلك الصنع، والفعل، والعمل، فإن قلت: يعجبني ما جلست، وما انطلق زيد كان غثا من الكلام؛ لخروج (ما) عن الإبهام ووقوعها على مالا يتنوع من المعاني؛ لأنه يكون التقدير حينئذ: أعجبني الجلوس الذي جلست، والقعود الذي قعدت؛ فيكون آخر الكلام مفسرا لأوله رافعا للإبهام، فلا معنى حينئذ لما، فأما قوله تعالى:{ذلك بما عصوا}[٢: ٦١] فلأن المعصية تختلف أنواعها، وقوله سبحانه وتعالى:{بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}[٩: ٧٧] فهو كقولك: لأعاقبنك بما ضربت زيدا، وبما شتمت عمرا أوقعتها على الذنب، والذنب مختلف الأنواع، ودل ذكر المعاقبة والمجازاة على ذلك، فكأنك قلت: لأجزينك بالذنب الذي هو ضرب زيد أو شتم عمرو، فما على بابها غير خارجة عن إبهامها.
نق ابن القيم أيضا كلام السهيلي السابق في البدائع ١: ١٤٢ ثم اتبعه الرد عليه فقال: ١: ١٤٢ - ١٤٣: «وليس كما زعم رحمه الله فإنه لا يشترط في كونها مصدرية ما ذكر من الإبهام، بل تقع على المصدر الذي لا تختلف أنواعه بل هو