الفعل الماضي لا يجوز توكيده بالنون، لأن معناه للمضى، ومن شأن نون التوكيد أن تخلص الفعل المضارع للاستقبال.
وفعل الأمر يجوز توكيده مطلقًا. قال سيبويه ٢: ١٤٩: «فأما الأمر والنهي فإن شئت دخلت فيه النون وإن شئت لم تدخل».
وجعل سيبويه توكيد المضارع الواقع بعد أداة الاستفهام محمولاً في التوكيد على فعل الأمر، كما جعل المضارع الواقع بعد أداة العرض والتحضيض محمولاً على الاستفهام في التوكيد ٢: ١٥١ - ١٥٢، المقتضب ٣: ١٢، وقال ابن هشام: التوكيد بعد الطلب كثير. المغني ٢: ٢٣.
أفعال الأمر كثيرة جدًا في القرآن، أحصيت مواضعها فكانت ١٨٤٨ موضع. جاءت أفعال الأمر في هذه المواضع غير مؤكدة بالنون، لا في رواية حفص فحسب، وإنما جاءت كذلك في جميع القراءات العشرية المتواترة، كما جاء كذلك في الأربع الشواذ المشهورة فيما بيننا.
وبذلك خلت القراءات الأربع عشرة من توكيد فعل الأمر بالنون، وهذه ظاهرة لغوية جديرة بالدرس والتسجيل.
كل ما وقفت عليه من طريق استقرائي لما وصلنا من قراءات للقرآن أن وجدت أربع قراءات شاذة أكد فيها فعل الأمر بالنون، وبعض هذه القراءات ليست من الأربع الشواذ المشهورة فيما بيننا، وإنما مما وراء ذلك، وقد تفرد أبو حيان بذكر