للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتغير. هذا إذا سلمنا أن (لعنة) هنا من المصادر التي تعمل، وأنه ينحل بأن والفعل، لأنه لا يراد به العلاج وكأن المعنى: أن عليهم اللعنة المستقرة من الله على الكفار، أضيفت لله على سبيل التخصيص، لا على سبيل الحدوث ونظير ذلك: {ألا لعنة الله على الظالمين} [١٨:١١]. ليس المعنى: ألا أن يلعن الله على الظالمين، وقولهم: له ذكاء ذكاء الحكماء ليس المعنى هنا على الحدوث وتقدير المصدرين منحلين بأن والفعل. بل صار ذلك على معنى قولهم: له وجه وجه قمر، وله شجاعة شجاعة الأسد، فأضيفت الشجاعة للتخصيص والتعريف، لا على معنى: أن يشجع الأسد.

ولئن سلمنا أنه يتقدر هذا المصدر أعني لعنة الله بأن والفعل فهوكما ذكرناه لا محرز للموضع، لأنه لا طالب له، ألا ترى أنك لو رفعت الفاعل بعد ذكر المصدر لم يجز، حتى تنون المصدر فقد تغير المصدر بتنوينه، ولذلك حمل سيبويه قولهم: هذا ضارب زيد غداً وعمراً على إضمار فعل، أي ويضرب عمراً، ولم يجز حمله على موضع زيد لأنه لا محرز للموضع، ألا ترى أنك لو نصبت زيداً لقلت: هذا ضارب زيداً وتنون. وهذا أيضاً على تسليم مجيء الفاعل مرفوعاً بعد المصدر المنون فهي مسألة خلاف: البصريون يجيزون ذلك فيقولون: عجبت من ضرب زيد عمراً, والفراء يقول: لا يجوز ذلك، بل إذا نون المصدر لم يجيء بعده فاعل مرفوع.

والصحيح مذهب الفراء, وليس للبصريين حجة على إثبات دعواهم من السماع بل أثبتوا ذلك بالقياس على أن الفعل. فمنع هذا التوجيه الذي ذكروه ظاهر، لأنا نقول: لا نسلم أنه مصدر ينحل بأن والفعل، فيكون عاملاً.

سلمنا لكن لا نسلم أن للمجرور بعده موضعاً. سلمنا، لكن لا نسلم أنه يجوز العطف عليه.

وتتخرج هذه القراءة على وجوه:

أولاها: أنه يكون على إضمار فعل لما لم يمكن العطف. التقدير: وتلعنهم الملائكة كما خرج سيبويه هذا ضارب زيد وعمراً أنه على إضمار فعل، ويضرب عمراً.

الثاني: أنه معطوف على لعنة الله على حذف مضاف، أي لعنة الله ولعنة

<<  <  ج: ص:  >  >>