وقع أفعل التفضيل خبرا عن (من) الاستفهامية في ستة وعشرين موضعًا وأريد بالاستفهام فيها معنى النفي.
في النهر ٣٥٦:١: «وهو نفي للأظلمية، ونفي الأظلمية لا يستدعى نفي الظالمية، وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يكن في تكرير (ومن أظلم) تناقض لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية، وإذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر، وصار المعنى: لا أحد أظلم ممن منع، وممن افترى وممن ذكر، ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر؛ كما أنك إذا قلت: لا أحد أفقه من زيد وعمرو وبكر لا يدل على أن أحدهم أفقه من الآخر، بل نفي أن يكون أحد أفقه منهم.
لا يقال: إن من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ولم يفتر على الله الكذب أقل ظلمًا ممن جمع بينهما، فلا يكون مساويًا في الأظلمية، لأن هذه الآيات كلها في الكفار، فهم متساوون في الأظلمية .. وإذا اختلف طريق الأظلمية فكلها سائرة إلى الكفر».