للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك تتصرف العرب وتقول: جمعت بين زيد وعمرو فاجتمعا، وهما مجتمعان، كما يقال ذلك في الثلاثة، فكان إطلاق الجماعة على الاثنين حقيقة.

وأما من جهة الإطلاق فمن وجهين:

الأول: أن الاثنين يخبران عن أنفسهما بلفظ الجمع، فيقولان: قمنا وقعدنا وأكلنا وشربنا، كما تقول الثلاثة.

الثاني: أنه يصح أن يقول القائل إذا أقبل عليه رجلان في مخافة أقبل الرجال، وذلك كله يدل على أن لفظ الجمع في الاثنين حقيقة، إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة.

وقال النافون لذلك:

{إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} [١٥:٢٦]. المراد به موسى وهارون وفرعون وقومه. (وإن طائفتان ..) الطائفة جمع. (خصمان) الخصم يطلق على الواحد وعلى الجمع. {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ..} [١١:٤]. المراد الثلاثة، وحيث ورثناها السدس مع الأخوين لم يكن ذلك مخالفًا لمنطوق اللفظ، بل لمفهومة .. {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [٨٣:١٢]. يوسف وإخوته وشمعون، {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [٧٨:٢١]. وداود وسليمان والمحكوم له.

{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [٤:٦٦]. قد يطلق اسم القلوب على ما يوجد للقلب الواحد مجازًا، فهو مجاز حذرًا من اجتماع ثنيتين. والحديث (الاثنان جماعة) المراد به حكمهما حكم الجماعة في انعقاد صلاة، الجماعة بهما.

حجج القائلين بأن أقل الجمع ثلاثة هي:

١ - أهل اللغة فرقوا بين رجلين ورجال.

٢ - لو صح إطلاق الرجال على رجلين لصح نعتهما بما ينعت به الرجال.

٣ - أهل اللغة فرقوا بين ضمير التثنية والجمع.

٤ - يصح أن يقال: ما رأيت رجالاً بل رجلين.

٥ - لو قال: على دراهم لا يقبل تفسيره بأقل من ثلاثة، وكذا في الندر والوصية.

وهذه الحجج ضعيفة. أما الحجة الأولى فهي معارضة بما روي عن زيد بن ثابت أنه قال: الأخوان إخوة، وروى عنه أنه قال الجمع اثنان».

<<  <  ج: ص:  >  >>