وفي البحر ٨: ٥٢٨ - ٥٢٩: «وقال مكي: سيبويه يختار أن يكون الظرف خبرًا إذا قدمه، وقد خطأ المبرد بهذه الآية لأنه قدم الظرف، ولم يجعله خبرًا. والجواب: أن سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف إذا تقدم، وإنما أجاز أن يكون خبرًا وأن لا يكون خبرًا، ويجوز أن يكون حالاً من النكرة، وهي أحد لما تقدم نعتها عليها نصب على الحال، فيكون (له) الخبر على مذهب سيبويه، ولا يكون للمبرد حجة على هذا القول. وقال الزمخشري.
وهذه الجملة ليست من هذا الباب، وذلك أن قوله:{ولم يكن له كفوا أحد} ليس الجار والمجرور فيه تامًا، إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرًا لكان، بل هو متعلق بكفوا، وقدم عليه، فالتقدير: ولم يكن أحد كفوا له، وتقدم على {كفوا} للاهتمام به وعلى هذا يبطل إعراب مكي وغيره أن (له) الخبر، و {كفوا} حال من أحد، لأنه ظرف ناقص لا يصلح أن يكون خبرًا وبذلك يبطل سؤال الزمخشري وجوابه، وسيبويه إنما تكلم في هذا الظرف الذي يصلح أن يكون خبرًا ويصلح أن يكون غير خبر. . . ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد كلام من قوله {ولم يكن له أحد} بل لو تأخر {كفوا} وارتفع على الصفة، وجعل (له) خبرًا لم ينعقد منه كلام، بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو {كفوا} وله متعلق به».
وانظر سيبويه ١: ٢٦ - ٢٧، والمقتضب ٤: ٩٠ - ٩١.
وفي شرح الكافية للرضي ٢: ٢٨٠: «ولم يستحسن تقديم الظرف للغو، وهو ما ناصبه ظاهر، لأنه إذن فضله، فلا يهتم به نحو: كان زيد جالسًا عندك. وأما قوله تعالى:{ولم يكن له كفوا أحد} فإنما قدم اللغو فيه، لأنه معقد الفائدة، إذ ليس الغرض نفي الكفء بل نفي الكفء له تعالى، فقد اهتمامًا بما هو المقصود معنى، ورعاية للفواصل لفظًا».