ولولا ما في الإخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف لما أخبرت به، وقيل: معناه: أكاد أخفيها من نفسي، ولا دليل في الكلام على هذا المحذوف ومحذوف لا دليل عليه مطرح، والذي غرهم منه أن في مصحف أبي: أكاد أخفيها من نفسي. . . وعن أبي الدرداء وسعيد بن جبير أخفيها، بالفتح من خفاه: إذا أظهره، أي قرب إظهارها، وقد جاء في بعض اللغات: أخفاه بمعنى خفاه، وبه فسر بيت امرئ القيس:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
فأكاد أخفيها محتمل للمعنيين. الكشاف ٣: ٥٦.
وفي البحر ٦: ٢٣٤٢ - ٢٣٣ «وقرأ أبو الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحمد (أخفيها) بفتح الهمزة.
ورويت عن ابن كثير وعاصم، بمعنى: أظهرها أي أنها من صحة وقوعها وتيقن كونها تكاد تظهر، ولكن تأخرت إلى الأجل المعلوم، وتقول العرب: خفيت الشيء: أظهرته.
وقرأ الجمهور: أخفيها: بضم الهمزة وهو مضارع أخفى بمعنى ستر والهمزة هنا للإزالة، أي أزلت الخفاء وهو الظهور وإذا أزلت الظهور سار للستر.
كقولك: أعجمت الكتاب: أزلت عنه العجمة. قال أبو علي هذا من باب السلب، والمعنى: أزيل عنها خفاءها، وهو سترها.
وقيل: أخفيها، بضم الهمزة بمعنى أظهرها، فتتحد القراءتان.
وأخفى من الأضداد، بمعنى الإظهار وبمعنى الستر.
قال أبو عبيدة: خفيت وأخفيت بمعنى واحد، وقد حكاه أبو الخطاب وهو رئيس من رؤساء اللغة لا شك في صدقه.
وأكاد من أفعال المقاربة، لكنها مجاز هنا. وقالت فرقة: أكاد بمعنى أريد، فالمعنى: أريد إخفاءها وقاله الأخفش وابن الأنباري وأبو مسلم ومن أمثالهم: لا أفعل ذلك ولا أكاد أي، لا أريد أن أفعله.