ويظهر لي تخريج غريب في الآية تقتضيه قواعد العربية، وهو أن تكون المسألة من باب الإعمال إذا جعلنا الفعل مسندا للذين، وذلك أن يحسبن يطلب مفعولين، ويبخلون يطلب مفعولا بحرف الجر، فقوله، {ما آتاهم} يطلبه {يحسبن} على أن يكون المفعول الأول، ويكون {هو} فصلا {وخيرا} المفعول الثاني ويطلبه {يبخلون} بتوسط حرف الجر، فأعمل الثاني على الأفصح في لسان العرب، وعلى ما جاء في القرآن، وهو يخبلون، فعدى بحرف الجر، وأخذ معموله، وحذف معمول {يحسبن} الأول، وساغ حذفه وحده كما ساغ حذف المفعولين في مسألة سيبويه: متى رأيت أو قلت: زيد منطلق». البحر: ١٢٧ - ١٢٨.
٢ - {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء}[٣: ١٨١].
في العكبري: ١: ٩٠: «العامل في موضع {إن} وما عملت فيه قالوا، وهي المحكية به، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف، لأنه مصدر وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الأول، وهو أصل ضعيف، ويزداد هنا ضعفا لأن الثاني فعل والأول مصدر، وإعمال الفعل أقوى» البحر ٣: ١٣١.
٣ - {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به}[٧: ٨٦].
في الكشاف ٢: ١٢٨: «فإن قلت: إلام يرجع الضمي رفي {آمن به} قلت: إلى كل صراط، تقديره: توعدون من آمن به وتصدون عنه، فوضع الظاهر الذي هو سبيل الله موضع الضمير، زيادة في تقبيح أمرهم، ودلالة على عظم ما يصدون عنه» ..
{من آمن به}: مفعول {تصدون} على إعمال الثاني، ومفعول {توعدون} ضمير محذوف، والضمير في {به} الظاهر أنه عائد على سبيل الله، وذكره لأن السيل يذكر ويؤنث، وقيل: عائد على الله، وقال الزمخشري .. وهذا تعسف في الإعراب لا يليق بأن يحمل القرآن عليه، لما فيه من التقديم والتأخير، ووضع الظاهر موضع المضمر من غير حاجة إلى ذلك، وعود الضمير