بدل. وإنما جعل غافر وقابل صفتين، وإن كانا اسمي فاعل، لأنه فهم من ذلك أنه لا يراد بهما التجدد ولا التقليد بزمان، بل أريد بهما الاستمرار والثبوت، وإضافتهما محضة، فيعرف، وصح أن يوصف بهما المعرفة، وإنما أعرب (شديد العقاب) بدلاً، لأنه من باب الصفة المشبهة، ولا تتعرف بالإضافة إلى المعرفة، وقد نص سيبويه على أن كل ما إضافته غير محضة إذا أضيف إلى معرفة جاز أن ينوي بإضافته التمحض، فيتعرف وينعت به المعرفة إلا ما كان من باب الصفة المشبهة فإنه لا يتعرف، وحكى صاحب المقنع عن الكوفيين أنهم أجازوا في حسن الوجه وما أشبهه أن يكون صفة للمعرفة، قال: وذلك خطأ عند البصريين، لأن حسن الوجه نكرة، وإذا أردت تعريفه أدخلت فيه (أل) وقال أبو الحجاج الأعلم: لا يبعد أن يقصد بحسن الوجه التعريف، لأن الإضافة لا تمنع منه. وهذا جنوح إلى مذهب الكوفيين.
وقد جعل بعضهم (غافر الذنب) وما بعده أبدالاً، اعتباراً بأنها لا تتعرف بالإضافة، كأنه لاحظ في غافر وقابل زمان الاستقبال.
وقيل: غافر وقابل لا يراد بهما المضي، فهما يتعرفان بالإضافة، ويكونان صفتين، أي إن قضاءه بالغفران وقبول التوبة هو الدنيا.
وقال الزمخشري: جعل الزجاج (شديد العقاب) وحده بدلاً بين الصفات فيه نبو ظاهر. والوجه أن يقال: لما صودف بين هذه المعارف هذه النكرة الواحدة فقد آذنت بأنها كلها أبدال غير أوصاف، ومثل ذلك قصيدة جاءت تفاعيلها كلها على (مستفعلن) فهي محكوم عليها أنها من الرجز فإن وقع فيها جزء واحد على (متفاعلن) كانت من الكامل، ولا نبو في ذلك، لأن الجري على القواعد التي قد استقرت وصحت هو الأصل.
وقال سيبويه أيضاً: ولقائل أن يقول: هي صفات، وإنما حذفت الألف واللام من (شديد العقاب) ليزاوج ما قبله وما بعده لفظاً، فقد غيروا كثيراً من قوانينهم لأجل الازدواج .. على أن الخليل قال في قولهم: لا يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك ويحسن بالرجل خير منك أن يفعل على نية الألف واللام، كما كان الجماء الغفير