للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الإنصاف: المسألة: ٦١ هل تجوز إضافة الاسم إلى اسم يوافقه في المعنى؟ ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأنه قد جاء ذلك في كتاب الله وكلام العرب كثيراً.

قال الله تعالى: {إن هذا لهو حق اليقين} واليقين في المعنى نعت للحق، لأن الأصل فيه الحق اليقين، والنعت هو المنعوت، فأضاف المنعوت إلى النعت، وهما بمعنى واحد، وقال تعالى: {ولدار الآخرة خير} والآخرة في المعنى نعت للدار، والأصل فيه: وللدار الآخرة خبر ... وقال تعالى: {جنات وحب الحصيد} والحب في المعنى هو الحصيد، وقد أضافه إليه. وقال تعالى: {وما كنت بجانب الغربي} والجانب في المعنى هو الغربي ... ومن ذلك قولهم: صلاة الأولى، ومسجد الجامع، وبقلة الحمقاء، والأولى في المعنى هي الصلاة، والجامع هو المسجد، والبقلة هي الحمقاء، وقد أضافوها إليها، فدل على ما قلناه.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه لا يجوز لأن الإضافة يراد بها التعريف والتخصيص، والشيء لا يتعرف بنفسه ..

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما ما احتجوا به فلا حجة لهم فيه؛ لأنه كله محمول على حذف المضاف إليه، وإقامة صفته مقامه، أما قوله تعالى: {إن هذا لهو حق اليقين} فالتقدير فيه: حق الأمر اليقين ...

وأما قوله تعالى: {ولدار الآخرة خير} فالتقدير فيه: ولدار الساعة الآخرة.

وأما قوله تعالى: {وحب الحصيد} أي حب الزرع الحصيد، لأن الحب اسم لما ينبت في الزرع والحصد إنما يكون الزرع الذي نبت فيه الحب، لا للحب، ألا ترى أنك تقول: حصدت الزرع، ولا تقول حصدت الحب.

أما قوله تعالى: {وما كنت بجانب الغربي} فالتقدير فيه: بجانب المكان الغربي.

وأما قولهم: صلاة الأولى فالتقدير فيه: صلاة الساعة الأولى، وأما قولهم: مسجد الجامع فالتقدير فيه: مسجد الموضع الجامع. وأما قولهم: بقلة الحمقاء

<<  <  ج: ص:  >  >>