والثاني: أن يكون انتقالا من شيء إلى شيء من غير إبطال لذلك الشيء السابق، وهذا مستحيل هنا للتنافي الذي بين الإخبار بكونه مثل لمح البصر في السرعة والإخبار بالأقربية؛ فلا يمكن صدقهما معا».
٧ - {ربكم اعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم}[١٧: ٥٤].
في البحر ٦: ٥٠ «[أو] دخلت هنا لسعة الأمرين عند الله ولا يرد عنهما، فكانت ملحقة بأو المبيحة في قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين، يعنون: قد وسعنا لك الأمر. وقال الكرماني:[أو] للإضراب، ولهذا كرر [إن]».
٨ - {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}[٣٧: ١٤٧].
في المقتضب ٣: ٣٠٤ - ٣٠٥ «فإن قوما من النحويين جعلوا [أو] في هذا الموضع بمنزلة بل. وهذا فاسد عندنا من وجهين:
أحدهما: أن [أو] لو وقعت في هذا الموضع بمنزلة [بل] لجاز أن تقع في غير هذا الموضع، وكنت تقول: ضربت زيدا أو عمرا، وما ضربت زيدا أو عمرا على غير الشك، ولكن على معنى [بل] فهذا مردود عند جميعهم.
والوجه الآخر: أن [بل] لا تأتي في الواجب في كلام واحد إلا للإضراب بعد غلط أو نسيان، وهذا منفي عن الله عز وجل؛ لأن القائل إذا قال: مررت بزيد غالطا فاستدرك، أو ناسيا فذكر قال: بل عمرو، ليضرب عن ذلك ويثبت ذا .. ولكن مجاز هذه الآية عندنا مجاز ما ذكرنا قبل في قولك: ائت زيدا أو عمرا، أو خالدا، تريد: ائت هذا الضرب من الناس، فكأنه قال - والله أعلم -: إلى مائة ألف أو زيادة. وهذا قول كل من نثق بعلمه». انظر معاني القرآن ٢: ٣٩٣، ومجالس ثعلب: ١٣٥.
وفي الخصائص ٢: ٤٦١ «فأما قول الله سبحانه: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}، فلا يكون فيه [أو] على مذهب الفراء بمعنى [بل]، ولا على مذهب قطرب في أنها بمعنى الواو، لكنها عندنا على بابها في كونها شكا. وذلك