وفي البحر ٢٧:٦: «ونقل عن أبي على أن (كلاهما) توكيد، وهذا لا يتم إلا بأن يعرب أحدهما بدل بعض من كل، ويضمر بعده فعل رافع للضمير، ويكون (كلاهما) توكيدًا لذلك الضمير، والتقدير أو يبلغا كلاهما. وفيه حذف المؤكد، وقد أجازه سيبويه والخليل قال: مررت يزيد وأتاني أخوه أنفسهما بالرفع والنصب، أنفسهما، إلا أن المنقول عن أبي علي وابن جني والأخفش قبلهما أنه لا يجوز حذف المؤكد، وإقامة المذكر مقامه».
وفي المغنى: ٦٧٣ - ٦٧٤:(الثالث: ألا يكون مؤكدًا، وهذا الشرط أول من ذكره الأخفش. منع في نحو الذي رأيت زيد أن يؤكد العائد المحذوف بقولك: نفسه، لأن المؤكد مريد للطول، والحاذف مريد للاختصار. وتبعه الفارسي، فرد في كتاب (الأغفال) قول الزجاج في (إن هذان لساحران): إن التقدير: لهما ساحران، فقال: الحذاف والتوكيد باللام متنافيان. وتبع أبا على أبو الفتح، فقال في الخصائص: لا يجوز: الذي ضربت نفسه زيد، كما لا يجوز إدغام نحو: اقعنسس، لما فيهما جميعًا من نقص الغرض، وتبعهم ابن مالك ...
وهؤلاء كلهم مخالفون للخليل وسيبويه أيضًا، فإن سيبويه سأل الخليل عن نحو: مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما كيف ينطق بالتوكيد؟ فأجاب بأنه يرفع بتقدير: مما صاحباي أنفسها وينصب بتقدير: أعينهما أنفسهما، ووافقهم على ذلك جماعة ...
وقال الصفار: إنما فسر الأخفش من حذف العائد في نحو: الذي رأيته نفسه زيد، لأن المقتضي للحذف الطول، ولهذا لا يحذف في نحو: الذي هو قائم زيد، فإذا فروا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حذف الشيء والدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما، لأن المحذوف لدليل كالثابت.