للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاز الحوفي وأبو البقاء أن يكون انتصاب الكذب على أنه بدل من الضمير المحذوف العائد على (ما)، وأجاز أبو البقاء أن يكون منصوباً بأعني.

وقال الكسائي والزجاج؛ (ما) مصدرية و (الكذب) مفعول به، ومعمول (تقولوا) الجملة من قوله: (هذا حلال وهذا حرام)، والمعنى: ولا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم كذباً، لا بحجة، وهذا معنى بديع.

البحر ٥٤٤:٥ - ٥٤٥، العكبري ٤٦:٢

٦ - أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ [٢١:٤٥]

في الكشاف ٢٩٠:٤: «الجملة التي هي (سواء محياهم ومماتهم) بدل من الكاف، لأن الجملة تقع مفعولاً ثانيًا، فكانت في حكم المفرد، ألا تراك لو قلت: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم كان سديدًا، كما تقول: ظننت زيدًا أبوه منطلق».

وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري من إبدال الجملة من المفرد قد أجازه أبو الفتح، واختاره ابن مالك، وأورد على ذلك شواهد على زعمه، ولا يتعين فيها البدل.

وقال بعض أصحابنا، هو ضياء الدين بن العلج: ولا يصح أن تكون جملة معمولة للأول من موضع البدل، كما كان في النعت، لأنها تقدر تقدير المشتق وتقدير الجامد، فيكون بدلاً، فيجتمع فيه تجوزان، ولأن البدل يعمل فيه العامل الأول، فيصح أن يكون فاعلاً، والجملة لا تكون فاعلاً بغير سائغ؛ لأنها لا تضمر. فإن كانت غير معمولة فهل تكون جملة بدلاً من جملة. لا يتعين عندي جوازها، كما يتبع في العطف الجملة للجملة وكتأكيد الجملة التأكيد اللفظي. وتبين من كلام هذا الإمام أنه لا يجوز أن تكون الجملة بدلاً من المفرد. وأما تجويز الزمخشري: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم فيظهر لي أنه لا يجوز، لأنها بمعنى التصيير، لا يجوز: صيرت زيدًا أبوه قائم، ولا صيرت زيدًا غلامه منطلق، لأن التصيير انتقال من ذات إلى ذات أو من وصف في الذات إلى وصف فيها، وتلك الجملة الواقعة بين مفعول (صيرت) المقدرة مفعول ثانيًا ليس فيها انتقال مما ذكرنا، فلا يجوز.

البحر ٤٧:٨

<<  <  ج: ص:  >  >>