وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم} فلما انقضت الآية قال:(يغفر لكم)».
وفي المقتضب ٨٢:٢: «وقال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}. ثم ذكرها فقال:{تؤمنون بالله} فلما انقضى ذكرها قال: {يغفر لكم} لأنه جواب لهل».
وفي المقتضب ١٣٥:٢: «وإنما انجزم جواب الاستفهام، لأنه يرجع من الجزاء إلى ما يرجع إليه جواب الأمر والنهي ... فأما قول الله عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} ثم قال: {تؤمنون بالله ورسوله} فإن هذا ليس بجواب، ولكنه شرح ما دعوا إليه، والجواب:{يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم}».
وفي معاني القرآن للفراء ١٥٤:٣: «وقوله: {يغفر لكم} جزمت في قراءتنا في (هل)، وفي قراءة عبد الله للأمر الظاهر لقوله:{آمنوا}».
وفي هذه النصوص يتبين لنا أن جزم قوله تعالى: يغفر: إنما كان لأنه جواب الاستفهام عند سيبويه والمبرد والفراء. وقد اعترض بعضهم على هذا الرأي بأن الدلالة على الإيمان والجهاد لا تستوجب المغفرة.
قال الأنباري في البيان ٤٣٦:٢: «زعم قوم أن (يغفر) مجزوم لأنه جواب الاستفهام، وليس كذلك، لأنه لو كان كذلك لكان تقديره: إن دللتكم على فتجارة يغفر لكم، وقد دل كثيرًا على الإيمان، ولم يؤمنوا، ولم يغفر لهم».
وقد شرح كونه جوابًا للاستفهام مكي بن أبي طالب فقال في المشكل ٣٧٥:٢: «جواب الاستفهام محمول على المعنى، لأن المعنى: هل تؤمنون بالله وتجاهدون يغفر لكم، لأنه قد بين التجارة بالإيمان والجهاد، فهي هما، فكأنهما قد لفظ بهما في موضع التجارة بعد (هل) فحمل الجواب على ذلك المعنى».