للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحاب الحديث رُسل السفير إلينا، والفقهاء تَراجِم (١) لمعاني كلامه. ولا يتم اتباع إلَّا بمنقول، ولا فهمُ منقولٍ إلَّا بترجمان، وما عداهما تكلفٌ لا يُفيد إلَّا التعب والعناء. وإلى هذين القسمين انقسم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقلة وفقهاء، ولا نعرف فيهم ثالثًا إلَّا أصحاب المعاش والتجارات، لا مشايخ رُبُط (٢) ولا مُناخات (٣) البطالات، ولا أصحاب زوايا ينتظرون الفتوحات، ولا رقاصون على الغناء والأصوات المطربات، ولا متكلمون بالتخيلات والشبُّهات، ولا بالشطحات والتوهمات، ولا بالكلمات (٤) الخمس، والمقولات العشر، والمُوجهات والمُختلطات، بل كانوا بحبل الوحي معتصمين، وبكتاب ربهم وسُنَّة نبيهم متمسكين، وهو في قلوبهم أجلُّ من أن تُضرب له الأمثال، أو تتقدم إليه آراء الرجال.

يا أصحاب المُخالطات والمعاملات، عليكم بالورع، ويا أصحاب الزوايا والانقطاع عليكم بحسم مواد الطمع. ويا أرباب العلم والنظر، إياكم واستحسانَ طرائق أهل التوهم (٥) والخدع.

ليست السُّنَّة بحبِّ معاوية ويزيد، ولا بمجرد حبِّ أبي بكر وعمر، ولا بإزعاج أعضائك بالصلاة على السفير (٦)، ولا بالاكتحال يوم عاشوراء


(١) جمع «ترجمان»، وفي «درء التعارض»: «المترجمون».
(٢) جمع الرباط الذي يُبنى للفقراء مولد. «المصباح المنير» (١/ ٢١٥).
(٣) جمع مُناخ: أي منزل. «تاج العروس» (٧/ ٣٦٢).
(٤) كذا في «ح»، والصواب «الكليات»، وتقدم بيان الكليات الخمس (ص ٥٤٤).
(٥) «ح»: «العلم». والمثبت من «درء التعارض».
(٦) «ح»: «السفر». والمثبت هو الصواب، وأراد ابن عقيل بالسفير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.